Tuesday 29 May 2012

الرئيس يطلب من رئيس المحكمة العليا استعادة منصبه





استدعت رئاسة الدولة في موريتانيا رئيس المحكمة العليا لاستفساره عن بعض الإجراءات التي اعتبرها الرئيس غير منسجمة مع سياسة الدولة فرد القاضي بأن مهمته هي تطبيق القانون بكل تجرد ودون اعتبار لتوجهات السلطة التنفيذية، لم يرتح الرئيس العسكري “لمشاكسة” القاضي وأصدر مرسوما بتعيين رئيس جديد للمحكمة العليا.. فحزم القاضي أمتعته وسافر إلى بلدة أشرم داخل البلاد.


وبعد أيام من عزل عثمان سيد أحمد اليسع وصلته دعوة رسمية من الرئاسة فلبى النداء وأثناء المقابلة عبر المقدم محمد خونا ولد هيداله عن ندمه على عزل القاضي لأنه علم متأخرا بأن القانون لا يتيح عزل رئيس المحكمة العليا قبل انقضاء مأموريته وطلب منه العودة إلى عمله في انتظار تعديل النص.


ولحرص القاضي على المصلحة العامة “وربما على عدم تعريض النص المدني” اقترح تقديم استقالته طوعا فتنفس رئيس الدولة الصعداء وأبقى زميله المقدم الشيخ ولد بيده على رأس المحكمة العليا (كتاب مباحث في سبيل العدل معالجات لواقع التردي القضائي في موريتانيا وضرورات الإصلاح، ص 210 وما بعدها).


وفي يوم الخميس 24 مايو 2012 استدعى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز رئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني لإبلاغه بتعيينه سفيرا في اليمن فرفض القاضي متمسكا بمأموريته وبعدم إمكانية عزله وبالتعارض الوظيفي، أصدر رئيس الجمهورية مرسوما بتعيين الأستاذ/ يحفظو ولد محمد يوسف رئيسا للمحكمة العليا في يوم 27 مايو 2012 وتقدم لتأدية اليمين في اليوم الموالي (الاثنين 28 مايو 2012) وكان من اللافت أن حضر القسم بالإضافة لرئيس الجمهورية وأعوانه من السلطة التنفيذية رئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بلخير (رأس السلطة التشريعية).


وحقيق بالموريتانيين عامة وبالحقوقيين خاصة أن يعملوا على المساهمة في تكريس سيادة القانون في بلدهم وعلى دعم فصل سلطاته واستقلالية قضائه وأن يقفوا عند مراسيم وقرارات مؤسساتهم وفي مقدمتها الرئاسة للإطلاع على مدى مطابقتها للقواعد التي يتعين أن تتبع في شؤون الحكم ومدى تماشيها مع المصلحة العامة.


وفي تقديري أن من المخالف للقانون والماس بالمصلحة العامة للدولة الموريتانية وبمكانتها بين الدول أن يعمد رئيسها إلى تشويه صورته وصورة بلده بعزل رئيس المحكمة العليا دون مراعاة القانون خاصة بعيد نشر وزارة الخارجية الآمريكية لتقريرها عن حقوق الإنسان عبر العالم لسنة 2011، وهو التقرير الذي عاب تبعية القضاء في موريتانيا للسلطة التنفيذية وذكر فصل القاضي محمد الأمين ولد المختار بسبب الحكم وفقا لقناعته وتفاصيل أخرى عن عدم سلامة بعض الإجراءات القضائية في بلادنا ربما يحسبها البعض “مستورة”.


ويمكن مطالعة التقرير الآمريكي على الرابط التالي:


http://www.state.gov/j/drl/rls/hrrp…


(وقد بحثت عن التقرير باللغتين العربية فالفرنسية للإحالة إليه فلم أجده إلا في أصله الإنجليزي على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الآمريكية).


إن من واجب رئيس الجمهورية أن يعمل على احترام القانون كي يقوى على مطالبة الآخرين باحترامه وكي لا تعم الفوضى مما يقتضي منه إحاطة نفسه بخبراء مطلعين وأمناء يسمع نصحهم وينيرونه حول المسائل الخارجة عن علمه ويرفعون إليه يوميا الإنطباع العالمي عن البلد.. وفي هذا السياق إذا لم يكن رئيس الجمهورية قد اطلع على ما ذكر عن موريتانيا في تقرير الخارجية الآمريكية المنشور مؤخرا فمن واجبه أن يحاسب من كان يفترض أن يطلعه عليه.. فمن مصلحة الدولة ومواطنيها أن تكون تصرفات رئيسها مؤسسة على القانون الذي يعد “التعبير الأعلى عن إرادة المجتمع ويجب أن يخضع له الجميع” المادة 4 من الدستور.


ومن اللافت أنه رغم خطورة الأزمة والجدل الذي تثيره فإن أيا من رئيس الجمهورية أو أعوانه لم يقدم تبريرا يقنع به الرأي العام أو يحاول إقناعه بسلامة المرسوم الأخير فهل يعد ذلك دليل ضعف أو مؤشر قوة ؟



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment