هنالك نظريتان بخصوص صراعات القوى داخل نظام ما. النظرية الأولى طورتها الفئران التي كانت تعيش تحت الطاولات التي يأكل عليها رواد المطعم. هذه النظرية تقول التالي: إذا تطاحن الأغنياء فإن بعض الفتات من المائدة سيسقط على الفقراء. وبالتالي من الأفضل أن يتقاتل الأغنياء. إن تصافع الغيلاني وعزيز مفيد. النظرية الثانية طورها الفقراء أيضا، ولكنهم الفقراء الذين عضهم الجوع، بتعبير ماوية، الزوجة الشهيرة لحاتم الطائي، هؤلاء فقراء عضهم الأغنياء لدرجة أنهم فقدوا أملهم في النظام. تقول هذه النظرية إنه من الخطر أن يتقاتل الأغنياء لأنهم عندما يتقاتلون يموت الفقراء. عندما تتقاتل الفيلة فإنها تدوس على الفئران. وبالتالي فمن الأجدى للسلم العالمي أن يبقى الأغنياء مبتسمين. من الجيد لموريتانيا أن يجلس الغيلاني وعزيز ويشربان الزريق.
طبعا أنا لا أصدق هذا. أولا أنا من محبي المبارزة. ثانيا أنا من الفقراء الأولين. إن مجرد صراع قوى على رأس السلطة مفيد للبلاد. ومنذ عهد ولد الطائع كان السؤال الذي يشغل بالي هو مالذي ستستفيده الديمقراطية والشفافية من الصراعات السياسية والانتخابية.
إن صراع القاضي والجنرال صراع مهم. إن كل طرف يمكن أن يلعبه بحذاقة. يمكن للجنرال عزيز أن يلعبه لصالح الفئات المسحوقة: يلقي باللوم على القاضي. عليه في هذه الحالة أن يحول المعركة إلى معركة قضائية عدلية. 1-يجعل إقالة الغيلاني ناجمة عن إخلاله بمهمته. وفي هذه الحالة سيقدم تورطه في قضايا السجن والمحاكمات غير العادلة. وفي المقابل يقود حملة إصلاح السجون وتعويض المساجين وإدخال أنظمة إصلاح المساجين وتدريسهم وإطعامهم وإنهاء الجبس التحكمي ومحاكمة المسجونين منذ سنتين بدون محاكمة. إذا قرر عزيز هذه المعركة فسيقدم تنازلا للشعب وسيستفيد الفقراء من حرب الأقوياء.
الغيلاني أيضا يمكنه فعل نفس الشيء. إنه رجل مهم وأمين سر خطير. يمكنه كشف ملفات تصفية الحسابات وثروة الرئيس وتورطه في الفساد (أليس تسيير القضاء في كل صغيرة وكبيرة فسادا؟) وينضم للحملة الكبيرة ضد الجنرال ولمعركة الماغنا كارتا ضده. وفي هذه الحالة سيساهم في المعركة الديمقراطية ضد الجنرال . وهكذا ستستفيد القضية الديمقراطية منه بعد أن تضررت منه.
يجب أن ننظر فيما يمكن لصراع العمالقة هذا أن يقدم لنا. ما نخشاه هو أن يكون الغيلاني لا يمتلك من الأفق في الاستمرار إلا ركعتين مرتجلتين في الضحى وتوسل إلى الله. إن الإيمان مهم ولكن العمل يصدقه ويكمله.
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment