Sunday 27 May 2012

آخر حماقة!





هذه خواطر سريعة حول أزمة رئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني، والتي ستكون ـ فيما يبدو ـ بداية لتطورات مهمة لاحقة:


ـ من حسن حظ السيد ول الغيلاني أن النظام لم يتهمه بالفساد مثلا (شماعة النظام) تمهيدا لعزله أو لسجنه حتى.. بل منحه ثقة من خلال تعيينه سفيرا، الأمر الذي رفضه السيد وهو متسلح بالقانون، وأغلق الباب أمام أي اتهام جديد ضده.


ـ من سوء حظ المعارضة وحتى الناس العادية المؤيدة لاحترام المؤسسات الدستورية، والتي تعارض عزل السيد، أن السيد يتهم بالفساد وأن سجله ليس ناصعا خاصة فيما يتعلق بعزل القضاة بطريقة غير قانونية، فهو نفسه عزل القاضي محمد الأمين ولد المختار قبل أقل من 8 أشهر إمعانا في الولاء للجنرال وتحديا للقانون!


ـ من سوء حظ مؤيدي عزيز الذين عمت بصائرهم عن زلاته أن سجله في عدم احترام المؤسسات الدستورية لم يبدأ اليوم فقط، بل بدأ بانقلاب فج على رئيس مدني (غير عسكري) منتخب (لم يصل أصلا بانقلاب) لم يطعن في انتخابه أي فصيل ولا جهة سياسية مهما كانت. ثم ثنى بالمجلس الدستوري إذ منحه كمكافأة سياسية لمؤيدي الانقلاب. وثلثَ بمحكمة “العدل” السامية التي فرغها من أي معنى لتصبح أسوأ أبواقه وأكثرهم استفزازا للسياسيين وأبعد المؤسسات عن الحيادية. والآن جاء دور المحكمة العليا. إنه أجهز على كل المؤسسات الدستورية وأفقدها هيبتها.


ـ لا شك أنكم تتذكرون دعم المجلس الدستوري (أهم هيئة دستورية) لأسوإ وأسذج انقلاب “ردة الفعل” المشهورة .. وكيف يمنحه عزيز اليوم كمكافأة سياسية لرئيسه الحالي لدعمه في الانقلاب وفي انتخابات 6/6 الموؤودة.


كما تتذكرون كتيبة البرلمان التائهة بين كتائب العسكر كالخروف البو للبقرة ، حيث لا تجد بين البقر غيره من النعاج والخرفان!! وتتذكرون دور محكمة “العدل” السامية .. ومفتشية الدولة … الخ في تصفية الخصوم أو المقصرين من الموالين سواء بعدم تقديم الجرعة الكافية من التملق، أم المنافسة في عالم السمسرة الذي ينبغي أن يبقى حكرا على القصر..


ـ لا سبيل لإعادة هيبة هذه المؤسسات الا بإقالة من احتقروها وسلبوها صلاحياتها .. باختصار إقالة أغلب الذين على رأسها اليوم (عزيز وخلانه ).. إقالتهم بطريقة لا تخولهم التمرد على هذه الإقالة .. أو تمنحهم فرصة ردات الفعل أو التهديد “بسيل الدم” إذا لم يعودوا إلى مناصبهم.. كما قال عزيز لسيدي.


ـ إنه لمن السذاجة أن نسكت عن هذه الخطوة الحمقاء التي أفقدت القضاء ما بقي لديه من هيبة ـ إن كان بقي لديه ـ بحجة فساد ولد الغيلاني، لما في ذلك من تشجيع لافساد عزيز لموريتانيا كلها لا لقطاع واحد، وفساده فيها. إن فساد السيد وبطشه في قطاع العدل كان بأوامر عليا من عزيز.


ـ السعي إلى بناء دولة مؤسسات من الطبيعي أن يجمع متناقضات مثل الساعين فعليا من أجل هذا الهدف، وخصوم النظام، والمغاضبين، والمتضررين من تصرفات عزيز، والطامحين والطامعين. ولا يسع هذه المتناقضات الا دولة مؤسسية يثق الكل في سلطاتها ويحترم اجراءاتها.


ـ التمرد على الأوامر السلطوية (أوامر الرؤساء لمرؤوسيهم) هو مذهب الجنرال وثقافته التي زرع في أنفس مريديه وتلامذته، ولقد كان السيد أقربهم إليه وأكثرهم نجابة في المذهب العزيزي ونوازله.


ـ أكاد أجزم أن هذه ستكون آخر حماقات الجنرال … عفوا .. قد تأتي بعدها حماقة واحدة هي الأمر باطلاق النار على الحشود، وحينها لن يستجيب له أحد ليكتشف ما اكتشفه الشاه أن الآلاف في الشوارع لم تكن مؤيدة هذه المرة بل ثائرة.



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment