Monday 28 May 2012

التلفزة و الحوار وتقي الله





أثارت حلقة الأسبوع المنصرم من “حوار” محمد تقي الله الأدهم على شاشة التلفزة الموريتانية ردود فعل سياسية وإعلامية لم تثرها أي من الحلقات التي سبقتها، بما في ذلك الحلقة الأولى والأخيرة (حتى إشعار جديد) بين نواب الموالاة ونواب المعارضة المناوئة للسلطة ولـ”حوار قصر المؤتمرات”..


وبما أن مشاركتي في محاورة ضيف الحلقة التلفزيونية المثيرة، الرئيس مسعود ولد بلخير، نالت قسطا من ردود الفعل تلك، سواء من حيث نوعية الأسئلة التي طرحتها ـ الزميلين المتميزين، الحسين ولد محنض والشيخ التجاني جا ـ أو من حيث تعاطي مقدم البرنامج، محمد تقي الله ولد الأدهم، معي ومع أسئلتي، فقد وجدت من واجبي تقديم جملة من التوضيحات والملاحظات رفعا لأي لبس وإسهاما في إزالة بعض علامات الاستفهام التي أحيطت بها تلك المشاركة…


وقبل الدخول في تلك التفاصيل، أود التقدم بخالص الشكر وجزيل الامتنان لكافة زملائي من مختلف وسائل الإعلام الوطنية المستقلة المكتوبة، الورقية والإلكترونية، وجميع الأصدقاء في الحقل الفكري والسياسي والمدني، على ما عبروا لي عنه ـ عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني ـ من مشاعر الود والتقدير عقب تلك الحلقة التلفزيونية المثيرة للجدل بامتياز..


كما أود ـ بذات المناسبة ـ الرد على استفسار أجده مشروعا ومبررا تماما، وجهه لي بعض من أولئك الإخوة والزملاء بشأن سر تعمد ولد الأدهم، طيلة البرنامج، نسبتي لموقع “ريم ميديا”، رغم أن اسمي كان يظهر أسفل الشاشة أمام موقع “اتلانتيك ميديا”؛ دون أن أعترض أو أنبه على ذلك خلال البرنامج..


أعترف ـ بداية ـ بأنني لست أقل من هؤلاء تعطشا لمعرفة سر هذا الخلط غير المفهوم ولا دوافع ولد الأدهم للتمادي فيه، إلا إذا كان من باب “الولاية” (بفتح الواو) غير الموفقة تلك الليلة.. أما عدم اعتراضي عليه أو التنبيه إليه، أثناء “الحوار”، فمرده عاملان أساسيان حسب تقديري:


1ـ ما كنت لأعترض على نسبتي لأي موقع أو صحيفة وطنية، لقناعتي بانتمائي لأسرة الصحافة بمفهومها الأوسع، وبالتالي لم يخطر ببالي يوما من الأيام شعور غير الاعتزاز بانتمائي لتلك الأسرة التي لا أفرق بين مكوناتها.. تماما كما يعتز العسكري بانتمائه لمؤسسته العسكرية حتى بعد التقاعد منها..


ولئن كنت فخورا ـ بكل ما تحمله العبارة من معنى ـ بوجودي ضمن هيئة تحرير “أتلانتيك ميديا”، وقدمت نفسي بتلك الصفة ـ خطيا ـ لرئيس الفريق الفني لبرنامج “حوار”، إلا أنني لم أمتعض من اعتماد مقدم البرنامج موقعا آخر لينسبني إليه؛ تماما كما لم أكن لأمتعض لو نسبني لأي موقع آخر (صحراء ميديا، الأخبار، تقدمي، الطواري، السراج، أقلام حرة، السفير، المدى، موريتانيد، الصحراء، الساحة، الوطن، ميادين، الحصاد، المستقبل، الإخباري، ش إلوح أفش…..إلخ.)؛ خاصة وأن علاقاتي الشخصية بمدير موقع “ريم ميديا” تشكل ـ بصدق ـ مصدر اعتزاز.


2 ـ لم أشأ شغل المشاهدين المتتابعين ـ باهتمام أكيد ـ ما سيصدر عن زعيم سياسي وطني بحجم ووزن الرئيس مسعود ولد بلخير من تصريحات ومواقف، لا أحد يستطيع التنبؤ بها ولا بما قد يترتب عنها من تأثير في الساحة الوطنية؛ عبر الانجرار إلى مهاترات جانبية لا أعرف سر “جرأة” مدير الـ”حوار” في الإصرار على فتحها؛ وليس لدي فضول لمعرفة دوافع هذا “التهور”، وإن كنت أرجح أن تكون محاولته وضع “حجاب” بيني وبين رئيس التحالف الشعبي التقدمي، “شانا شخصيا يخصه” لم أشأ الخوض في طلاسمه! استغل ولد الأدهم تأخر وصولي إلى استديو “حواره” الذي يبدو أنه “مايتلب لغروز”، ليحاول ـ دون جدوى


ـ منعي من طرح سؤالي الأول الذي تبين من ردود الفعل التي تتابعت بعد انتهاء البرنامج أنه شكل محور الجانب السياسي من ردود الزعيم التاريخي لحركة الحر (اتهام ولد بلخير لحزب تواصل بشق صفوف المعارضة بعدم الموافقة على ترشيحه للرئاسة، بينما سبق له ـ هو ـ أن خرج على توافق المعارضة حول دعم أحد ولد داداه أمام سيدي ولد الشيخ عبد الله في الشوط الثاني من انتخابات مارس 2007)، قائلا إن هذا السؤال طرح قبلي، وهي المحاولة التي فشل فيها للمرة الثانية مع السؤال الثاني “مساعي ثلاثة أحزاب من الأغلبية لفتح قناة حوار (غير حوار الأدهم) مع منسقية المعارضة”..


لم أستوعب كل هذه “الحساسية” تجاه “العادة” في القناة الفضائة الرسمية، وبخاصة إعادة الأسئلة، لدى تقي الله بالذات.. فكما قال الرئيس مسعود ـ في بداية رده على سؤالي الأول ـ من المهم التذكير بالتاريخ من حين لآخر حتى يتحمل كل مسؤولية أعماله ومواقفه وتصرفاته.. فما بال مواقف وتصرفات لا يتجاوز تاريخها أياما معدودة؟


أذكر مدير “الحوار” التلفزيوني (نفعنا الله ببركته) بأنني لم أنزعج ـ البتة ـ وأنا أتابع حلقته مع الرئيس بيجل ولد هميد، التي بثت بعد ثلاثة أيام فقط من برنامج “الرأي العام” على أثير إذاعة موريتانيد، وكنت خلالها من محاوري رئيس حزب “الوئام” في تلك الحلقة وطرحت عليه سؤالا يتعلق بإستراتيجية المعارضة المحاورة لمواجهة مسيرات واعتصامات ومهرجانات المنسقية الرافضة للحوار؛ حيث كرر سؤالي ـ حرفيا ـ على نفس الزعيم السياسي.. ولدي تسجيل صوتي لحلقة “الرأي العام” وتسجيل بالصوت والصورة لحلقة “حوار” التي تلتها..


أحد الزملاء الإعلاميين سألني إن كان هناك صراع بيني وبين ولد الأدهم، فأجبته بعدم علمي بذلك.. فأي شيء يمكن أن يشكل موضع تنافس أو صراع بيني وبين الرجل؟ وأي مجال يمكن أن نتصارع فيه أو عليه؟.. فأنا لم أدع يوما معرفة أو اهتماما بفن “سر الحرف”؛ ولم أوت موهبة أو عبقرية في فن “التصفيق” النمطي منه و غير النمطي.. دخلت حقل الصحافة من جانبه الشائك والوعر، المتمثل في الإعلام المستقل أو الحر، ولم يستهوني العمل أو الانتساب لا للتلفزة ولا للوكالة ولا للإذاعة.. ولم أطرق أبواب “المخزن” ولا اعتمدت ـ في مسيرتي المهنية المتواضعة ـ على معايير العلاقات الاجتماعية من مصاهرة أو قرابة أو محاباة، ظاهرة أو باطنة..


ثم إني لم أطمح أبدا لنيل مراتب “كرامات الصالحين” المتاحة ـ بالتجربة ـ للأستاذ محمد تقي الله الأدهم.. كيف لا وقد وهبه الله “كرامة” التأقلم والتكيف مع كل التحولات والمتناقضات؛ ووهبه “خوارق” لعل من بينها إدارة برنامج تلفزيوني حواري يستضيف قادة الطبقة السياسية المتنوعة، في الوقت الذي يرتدي فيه عباءة الحزب الحاكم ؟


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment