Monday 28 May 2012

حول تصريحات الرئيس بيجل





كلمة الإصلاح هذه المرة ستتوجه متأسفة إلى تحليل تصريح أدلى به للصحافة رئيس حزب الوئام الزعيم بيجل ولد حميد .


إننا نحن معشر الموريتانيين المهتمين بالشؤون السياسية الموريتانية نعلن مفاجأتنا بالتصريح الذي أدلى به الزعيم بيجل ولد حميد للصحافة المتعلق بالترخيص لحزب إسلامي ، فنقول بينما كان كل منا يعيش اغتباطا واعتزازا لا مثيل له بهذا الرجل الموريتاني حقا ، وذلك بعد استماعنا إلى تصريحاته النادرة في هذه الأيام للإذاعة الوطنية في اليوم الإذاعي المفتوح حيث فاجأنا ذلك الزعيم بتحليلاته العقلانية المتزنة والضاربة بصدق في عمق الحقائق التاريخية للشعب الموريتاني حتى تبين للجميع أن الرجل على أعلى الكفاءات في المسؤولية ومعرفة الشعب عن كثب ، وعلقنا آنذاك على تلك التصريحات بأنه لو كان لموريتانيا مرصد لتسجيل ارتفاع الشعبية للأشخاص لكان سجل المرصد آنذاك للزعيم بيجل ولد حميد أعلى رقم قياسي في الشعبية في تلك الليلة ولا سيما عند من لم يكن يعرفه إلا سماعا .


فبسبب تلك التصريحات والنظريات والتحليلات عن إعطاء كل ناحية من نواحي الحياة في موريتانيا قديما وحديثا حظها من الواقع والحقيقة اكتسب ذلك الرجل شأوا بعيدا أعلى من كل المتكلمين في تلك الليلة .


وباحتفاظنا له بتلك النسبة في أذهاننا لأن رفع الواقع محال نسجل بجانبها أسفنا العميق لتصريحاته في هذه الأيام،فقد فاجأنا أيضا نفس الرجل وهو يصرح تصريحا لا يمكن أن يقبل من مسلم دون الرجل في المستوى ولا سيما أن يكون صادرا من هذا الرجل نفسه .

فأكبر مفاجأة للمسلم أن يقرأ تصريحا لمسلم يقول فيه أنه لو كان له من الأمر شيء لما رخص لأي حزب إسلامي يرفع خصوصيته بلواء الإسلام ،وأن الترخيص لحزب إسلامي كان غلطا ويزداد هذا التصريح غرابة أو تناقضا عند المسلم عندما يقرأ للمصرح نفسه أنه مسلم ويعتز بالإسلام ويحبه وينفذ أوامره .


وبعد استماع أي مسلم عاقل لآخر هذا التصريح من رئيس حزب مسلم وجميع المسؤلين في الحزب هم مسلمون لابد أن يعلن في وجه المصرح ماذا بقي من إسلام حزبكم المرخص له ما دام الرئيس مسلم والأعضاء كذلك وكلكم يحب الإسلام وينفذ أوامره .


وبهذا الواقع الإسلامي المعيش في موريتانيا لكل حزب مرخص له فإن القول بمنع الترخيص لحزب إسلامي لم يبق له أي معنى في الخارج ولاسيما إذا علمنا أن المصرح مثقف ثقافة عالية ويعرف قوانين وشروط الترخيص للأحزاب ويعرف عن كثب أن الأحزاب لا تتقدم في طلبها ولا في القوانين الخاصة بها أي إشارة تشير إلى خصوصيتها بالإسلام لا في اسمها ولا في أهدافها .


والقانون كما يقال أصم وأعمى لا يشم رائحة إسلامية الحزب أو عدم إسلاميته فالنصوص متساوية وتحكم الجميع ويبقي فقط أن بعض الأحزاب تكتب في نظامها الداخلي أن حزبها مرجعيته إسلامية بمعنى أنه يحكم نصوص الإسلام في تسيير شؤونه الداخلية .


وهذه النصوص مستقاة من الإسلام نفسه بل هي شرط في إيمان المسلم يقول تعالى:((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدو في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلمو تسليما )) ويقول تعالى: (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب )) .


فالإسلام وصف مركب خارج عن ماهية الشخص ومركب كما هو معلوم من عقيدة وعبادة ومعاملة ولا يتحقق الوصف على حقيقته إلا باكتمال أجزائه .


ومن أراد معرفة اكتمال هذه الأجزاء في مجتمع عام أو جماعة خاصة أو حتى مجرد فرد من أفراد البشر فعليه أن يتوجه مباشرة إلى القرآن والسنة الصحيحة فلم تبق عقيدة خالصة ولا عبادة مفروضة أو طوعية في أي وقت من الأوقات ولا معاملة مع النفس أو مع الجماعة العامة أو الخاصة أو الجيران وحتى مع الحيوانات أو الجماد إلا وبينها تبيـينا شافيا مع حفظها الدائم بين يدي الناس لتكون هي المرجع في المساءلة ساعة الموت وبعد الموت .


فلا يؤخذ وصف الإسلام من بيئة المجتمع ولا عاداته ولا تقاليده ولا أفكاره ولا تاريخ حياته ولذا فنحن الموريتانيين عندما ننظر إلى مجتمعنا بنظرة إسلامية وننظر إلى القرآن بين أيدينا وإلى الأحاديث الصحيحة فسنجد حياتنا البيئية وعاداتنا وتقاليدنا من جهة والقرآن والسنة من جهة أخرى كل يولي ظهره للآخر في العقيدة والعبادة والمعاملات إلا من رحم ربك .


ففي العقيدة نسمع المولى عز وجل يقول:﴿يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله﴾ ومع ذلك نعطي لبعضنا شيئا من الأمر في ذلك اليوم ، وفي العبادة نسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بأن يحرق على من لم يصل في المسجد بيته ومع ذلك كان قليل منا من يهتم بالصلاة في المساجد أو يعتقد أنها لا تعنيه مع انه بلغ سن التكليف ويقول أنه مسلم .


وفي المعاملات نستمع إلى قوله تعالى:﴿ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونو خيرا منهم ، يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم واهليكم نارا ﴾ إلى آخر كل تفاصيل ما يطلبه القرآن وتطلبه السنة الصحيحة من المسلم كل المسلم .


وعندما نحتفظ بهذه النصوص وما شاكلها وهو كثير ونذهب إلى بيئة مجتمعنا ومن جميع طبقاته وإلى تقاليده بالأمس والأمس القريب فسنجد أن 90% من مجتمعنا ومن جميع طبقاته مسلمين يحبون الإسلام ولكن إسلام القرآن والأحاديث الصحيحة الذي هو مرجع المساءلة ساعة الموت وما بعد الموت لا تعنى إلا نسبة 10% أي النسبة الباقية من المجتمع مع أن هذه النسبة الباقية لا يعنبيها من إسلام القرآن والسنة الصحيحة إلا ما ورثته عن آبائها ولا تأخذ إسلامها من النصوص التي بين أيديها ومع ذلك نسمى بعضها بالصالحين والأولياء إلى آخر تلك الاعتقادات ، فهؤلاء الصالحون والأولياء كانو يعرفون من القرآن والسنة متى يجوز الاسترقاق وحتى إذا كان شرعيا يعرفون أن مسؤوليتهم عن سلوك الرقيق كمسؤوليتهم عن سلوك أبناءهم ويعرفون قبول الإسلام لإمامة المسلم غير الفاسق أيا كان وقبوله لشهادة المسلم العدل مهما كان عرقه ويعرفون حرمة قتل المسلم للمسلم أو الذمي غير المقاتل ويعرفون حرمة غصب المال والأكل من ذلك الغصب سواء كان شراءا أو هدية إلى آخر كل ما نعلم جميعا من تلك الحياة المنحرفة في أغلبها عن النصوص الإسلامية من أي كان ونحن نقرأ قوله تعالى﴿الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾.


ونحن نتيقن أنه لو عاد إلينا أي شخص مات من أي فرد من مجتمعنا وسألناه عن ماذا لقي من ربه لأجابنا أنه وجد صدق قوله تعالى:﴿يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون﴾ ووجد صدق ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :<> .


إلا أننا وإن لم يعد إلينا أي شخص قبل الآخرة كما هو الواقع فإننا نتيقن أنه سيلقي من ربه ماهو مطابق لنصوص الإسلام الصحيحة وعدا ووعيدا .


ومن هنا نؤكد على أن على جميع مجتمعنا أن يحمد الله على هذا الوعي الإسلامي في جميع طبقاته والذي تبين منه بوضوح للجميع أن مساواة احتياج الشخص أي شخص للطعام والشراب وإحساسه بالآلام في الدنيا هو نفس احتياجه للطعام والشراب واحساسه بالآلام في الآخرة إلا أن الشخص عنده كثير من أسباب تحصيل الطعام والشراب وتجنب الآلام في الدنيا أما في الآخرة فلا طعام ولا شراب ولا هروب من الآلام إلا بالعمل الصالح طبقا للنصوص الإسلامية الصحيحة كما في آخر الحديث الصحيـح: <> .


ومعلوم في لغة العرب التي نزل بها القرآن أن كلمة “من” تعم كل عاقل وموجهة إليه .

وبعد هذه الحقائق نعود إلى تحليل بعض كلام الزعيم رئيس حزب الوئام وهي قوله : أنه لو كان له من الأمر شيء لما رخص لحزب إسلامي وهذه الفقرة تناقض ما أمره به القرآن عندما يكون له من الأمر شيء يقول تعالى:﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ﴾ومعنى تمكينهم في الأرض أعانهم حتى أصبحو رؤساء وعندئذ يخاطبهم بهذه الخصوصية بقوله تعالى: أقامو الصلاة وإقامة المسؤول الأول للصلاة إلى آخر الآية معناها اقامها في مجتمعه المسؤول عنه وأمر فيه بالمعروف ونهى فيه عن المنكر وختمت الآية بهذا التهديد (( ولله عاقبة الأمور)) .


وعندما يقوم ولي الأمر بهذا فمعنى ذلك أنه لم يقم بإسلامية حزبه فقط بل قام بإسلامية كل مجتمعه وبذلك يكون انسب للتصريح أن يقول لوكان لي من الأمر شيء لما رخصت إلا لحزب إسلامي لأنه هو الذي سيؤول إليه في الآخرة عمله الصالح وغير مسؤول عن عمله الظالم مادام أنه رخص له بعزمه على تطبيق الإسلام نصا وروحا .


وهنا أذكر لهذا الزعيم أن غالبية الأحزاب من العالم الإسلامي التي تسميها مجتمعاتها بالأحزاب الإسلامية لا تعنون نفسها بكلمة الإسلام ولا تدعى أنه لا يرفع لواء الإسلام إلا هي بل إسلامها يمكن أن يلاحظ من سلوكها هي داخل نظامها .


وسأعرج قليلا على ما شاهدته أنا في سلوك بعض الأحزاب داخل اجتماعاته، فمعلوم أن كل حزب عنده مكتب سياسي ولجنة دائمة ومجلس وطنى وبعض الأحزاب في اجتماع هذه الهيئات يحاول أن تكون على طريق ما أمره به الإسلام في الاجتماعات يبدؤها بالذكر ويختمها به وأثناء الاجتماعات تكون جميع المأمورات في الإسلام حاضرة لدى الجميع بما فيها ذكر الله أثناء الاجتماع خوفا من وعيده صلى الله عليه وسلم في قولــه: <> فإذا كان جميع الأحزاب هذه هي سلوكها في أحزابها فمعنى ذلك أنها جميعا أحزاب إسلامية مرخص لها .


وأنا أخشى مع الأسف أن يكون هذا الزعيم المسلم استقى تصريحه هذا من أفكار علماني عرب الشرق الأوسط والمغرب العربي الذين نهلو حتى الثمالة من ثقافة وفكر الغرب أيام نهضته المادية وضعف أهل الإسلام وكبوتهم الاستسلامية ، فأولئك تحصل عندهم فكرة فصل الدين عن الدولة وأي مسلم عاقل لا يمكنه أن يثبت بالدليل الشرعي يوم القيامة ما كان يعتقده في الدنيا فهو مسلم جاهل مغامر .


فمن المسلمات البديهية أن كل ما يسأل عنه المرأ بعد الموت هو من الدين لأن الدين تقال للجزاء والسؤال يترتب عنه الجزاء .


والآن نترك المسلم مع هذه النصوص القرآنبة والأحاديث الصحبحة هل يمكن اعطاء بعضها للدنيا وبعضها للآخرة .


فلنبدأ بخلجات القلب وحركات البصر يقول تعالى:﴿ إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله﴾ ، ﴿يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور﴾،﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بل ورسلنا لديهم يكتبون ﴾ .


وقوله صلى الله عليه وسلم <> الحديث المتقدم .


فإذا كان المرأ من الأغلبية أو المعارضة المحاورة أو المعارضة الطالبة للرحيل ماذا سيقول إذا طرحت عليه هذه الأسئلة غدا أو بعد غد في ساعة موته هل سيقول : أنا كنت أخوض السياسة ولا تسألوني إلا عن الدين وهو منحصر في الصلاة والصوم والزكاة والحج .


والقرآن ملآن بتفصيل المطلوب في كل المعاملات التي تأتي بعد المخاطبة﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله﴾،﴿لا يغتب بعضكم بعضا﴾،﴿لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم …﴾…الخ الآيات الكثيرة التي يجمعها قوله تعالى:﴿ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)) ، ((ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه )﴾.


وخلاصة القول أننا ندرك أن تصريح هذا الزعيم بهذا الشكل المفاجئ يمكن أن يكون سببه ما ذكرت الصحافة بأن ما يسميهم المجتمع بالسلفيين يعتزمون طلب ترخيص لحزب وبذلك يزداد استغراب التصريح من ذلك الزعيم السياسي .


فالمجتمع لا يخاف إلا من اعتقاد السلفيين بتكفير غيرهم واهدار دمه إن قدرو على ذلك ولا يخاف المجتمع من عقيدتهم إذا كانت مجردة من العنف ولا تضر إلا أنفسهم أخرويا .

فإذا طلبوا ترخيصا لحزب معنى ذلك أنهم تخلوا عن التكفير أو فضلوا التعايش مع المجتمع على عـلا تـه في نظرهم وعندئذ يأمن المجتمع من تهديهدهم له ويمكن فتحهم للحوار الدائم مع العلماء مع أن الترخيص سوف لا يكون إلا طبقا للقوانين التي لا تعين شكل عقيدة الحزب .


ونختم هذه الملاحظة بآية رخص فيها المولى عز وجل لحزب إسلامي بل أضاف اسمه إليه ولكن بشرط الإيمان .


يقول تعالى:﴿( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم او إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان)) إلى قوله تعالى : (( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )﴾.



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment