الجمعة 28 أيلول (سبتمبر) 2012
الشيخ ولد مزيد |
ادفني مشاعرك خلف حجب الرمز و الصمت الحائر أيتها المرأة و تطاولي على إنسانيتك و أنوثتك التي هي كنزك الحقيقي و ما يجعلك تختلفين مع كل الناس و تشبهين كل الناس في آن ,ثم خففي من شآبيب أمومتك الطافحة ,لا تعلني في الناس أنك بشر يعشق و قلب ينبض و حنان يتدفق كالشلال في صحرائنا الحزينة الجافة التي تغتال كل ورد ترفض كبت عبقها و أريجها.
اصلبي غناء العصافير في داخلك و فتشي عن قناع تستعيرينه كي تخفي ملامح إحساسك الراقي بالحب و الحياة رغم إن الحب ليس في واقع الأمر إلا شوقا من الحياة لذاتها إلا أنك أنت بالتحديد محرم عليك .. هكذا ينظر المجتمع البدوي إلى المرأة و هكذا يريدها أن تكون و تبقى و تموت , إنه يريدها قطعة من الخشب أو جدارا اسمنتيا باردا مفرغة من كل ما يجعل الإنسان راقيا.
درج الناس هنا على قمع المرأة و إلجام طاقاتها الخلاقة و وأد حلمها بإنسانية كاملة تمتلك كل مقوماتها البدنية و الروحية و العاطفية و ظل المجتمع المتعجرف يسلبها منها كلما لاح بصيص أمل يشي بقرب خلاصها من الكابوس التاريخي الاجتماعي الذي يقيدها و ينهش أحلامها المشروعة في وضح الظلام.
ملعونة هي تلك المرأة التي تحب و “مسلوبة” على طريقة المجتمع الظالم الذي يعتبر كبت مشاعرها حتى مع أقرب الناس إليها فضيلة و يرى في تدفق عواطفها اعتداء على السماء و مروقا على القانون و الأعراف البالية التي ظلت سلاسل تنحت أقدام المرأة منذ عُرفت الصحراء و عرف السراب و العنجهية البدوية.
لقد برهنت المرأة في مواقف كثيرة أنها ليست إنسانا ناقصا يتخذ غيره القرارات نيابة عنه في عنف معنوي يسلب الشخص شخصيته و ينتخ أفرادا مسلوبي الإرادة فأيهما مسلوب إذن المرأة التي تقاتل من أجل حقها أم المجتمع الذي ينفق كل طاقاته في محاولة إجهاض مسيرتها التحررية الطويلة؟
المجتمع هو “المسلوب” بالحسانية و المرأة “مسلوبة” باللغة الفصحى من كل حقوقها لكن حواء الآن تنفض عنها غبار السنين العجاف و رماد الزمن الرديء لترسم لنفسها طريق من نقاء و ضياء و تكتب ملحمة صراعها مع المجتمع الطاغية بحروف لم تفقد أنوثتها تتضوع بخورا و عطرا من التحدي العاصف و اللطيف في آن واحد بعد أن تأكدت أن المجتمع لم يسمع أبدا بأن “المرأة “مخلوق مكانته بين الملائكة و البشر” .. تحياتي
Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment