Saturday, 27 October 2012

إنهم العسكر دائما..! | ‫#موريتانيا أخبار

هنا في نواكشوط بدأ ” الحدث الثقيل لم تستطع سماؤه أن تتحمله ، فاخترقت طائرة فرنسية جدار الصوت في ضحى اليوم الأول للحدث ،لتنقل رئيسنا المصاب إلى عاصمة النور “باريس”، لكن كل أنوارها الاعتيادية الكاشفة لم تستطع أن تجلو لنواكشوط ولشعب دولتها أي حقيقة حتى الآن!.

هناك في باريس دعانا جاك دريدا للصمت ذات مرة في ستينيات القرن الماضي كحل آمن في مواجهة الحدث الثقيل، لكننا لأجل عيون وطننا الخمسيني المشغولة بالحيرة والقلق، لا يمكننا أن نصمت،….، لا ينبغي أن نسكت!.


يبدو الوطن الآن ( برغم العيد و أفراحه المفترضة) ، مثل كهل تجاوز الخمسين قليلا، متغضن الوجه، على شفتيه تلوح ابتسامة استطاعت بطريقة ما أن تجمع بين الحزن واللامبالاة ، والاستسلام لمصيره بين أكف قاسية خشنة لأبناء له، لم يتعودوا منذ سبعينيات القرن الماضي النظر في عينيه أبدا، لم يتجرأ أحد منهم أن يتذكر أن يسأله: أبتي هل تؤلمك القبضة العسكرية المحكمة؟؟….، هل تعني ابتسامتك في وجوهنا أنك راض بها ومطمئن لها؟…أم أنك فقط تتعامل معنا كما يتعامل أي والد حنون مع ما ولد حتى ولو كان عاقا، جاحدا؟؟!.


ترتفع نياشين الجنرالات هذه الأيام عاليا، لتمنع أي تفكير في النظر إلى وجه الوطن، ولتمنع أي مراجعة لميراث السنين العسكرية الثقيلة!.


و لنكون منصفين مع أبناء الوطن، ينبغي أن نلاحظ جيدا، وبشكل تحليلي محكم ، ذلك التهافت الذي بدأ يبديه ( ولو من تحت الطاولة) زعماء (عجائز وشباب)، وذلك التمسح ببركات “البيان العسكري الانقلابي التقليدي”.


يعلن بعضهم في مؤتمراته الصحفية، وبعضهم يخرج ألسنته عبر مواقعه الألكترونية، ويختزل كل ذلك الضجيج حقيقة كامنة هي أنهم لا يتعلمون من دروس التاريخ، هي أنهم مستعدون لإهراق البقية الباقية من صبرنا، من ألمنا، تحت أقدام أي جنرال يبدو قادرا على الإمساك بتلابيب مرحلة انتقالية جديدة، وقادرا على تقديم وعود ( سرابية جديدة)لهم، وقادرا في النهاية على خداعهم كما حدث من قبل وهم لا يشعرون!.


بعضهم يحاول إقناعنا بجدل منطقي مستتر (حتى الآن) أن ملمس الحذاء العسكري الثقيل سيكون هذه المرة ناعما، وجديدا في شكله وسلسا، ولن يتخذ انقلابه أي تقليد ممل معروف لنا.

وبعضهم الآخر يحاول بطريقته الدعائية الخاصة أن يقول لنا: هناك جنرال بعينه، يبدو ممسكا بكل شيئ، ويبدو هو الأفضل، ذلك أنه يركع في المسجد الفلاني، ثم يعاود القيام في مسجد آخر…،إنه جنرال طيب،…،وإنه كما هو واضح مبارك من قبل سدنة ورسامي لوحة الربيع العربي المطفأة الألوان عندنا.


من قال إننا ينبغي أن نظل كما نحن، ويظل “سيزيفنا” مستعدا دوما للرجوع إلى صخرته، عليه أولا أن ينظر في الوجه المتغضن الحزين القلق لوطننا المتجاوز للخمسين، عليه أن يملك الشجاعة ليقتل الأمل داخله.


ثم عليه أن يواجهنا ليقنعنا ببراغماتية ” مفاهيمية” أنه لا حل في ظل اختفاء رئيسنا المصاب عن قمة زهو المشهد، إلا أن نرضى بحكم انتقالي جديد يسيره العسكر، وينتخب رئيس جديد قد يكون مدعوما من العسكر،ووووو….وتعود الدائرة إلى دورتها التي حدثت منذ بضع سنين!.


ربما نشهد قريبا ذلك ، إلا إذا كان اختفاء الرئيس الجنرال عزيز ، هو بمثابة الاعداد لمعركته ضد من يحاولون (أو سيحاولون) سلبه عرشه في مصابه ومرضه!،..ربما سيظهر الرئيس الجنرال كأي بطل في رواية مخابرات مثيرة نمطية، كان اعداؤه يتصورون أنه اختفى أو مات، وكان هو يموه عليهم، ويريد ضربهم بقوة وبشكل مفاجئ!.


على العموم ما ينبغي أن يكون في أولوياتنا هو أننا تعبنا من هذه اللعبة التي تستبدل العسكري بالعسكري أو بالمدني المستلب تحت قبعات العسكري،…ما ينبغي علينا (وهي كلمة للتاريخ حتى لا يحكمنا بالإدانة) هو أن نرفض أي تغيير شكلي حتى ولو باركه أدعياء الديمقراطية من الساسة، وعلينا أن نعلم أن صبرنا على واقعنا المزري الحالي مع الرئيس الجنرال عزيز، والاستمرار في تراكم نضالنا يقود للثورة الحقيقية الناضجة، والتغيير الذي يجسد القطيعة مع الماضي العسكري كله،..إنه أكثر واقعية وذكاء ووطنية ، من أن نهتف من أجل مصالح آنية (فردية أو جماعية) لحياة “البيان الانقلابي الجديد”.


pechike@gmail.com




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment