Sunday 28 October 2012

جمهورية الشائعات | ‫#موريتانيا أخبار

“أعطني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي” بول چوزيف جوبلز.

تنسب هذه المقولة إلى وزير إعلام أعظم دكتاتور في تاريخ البشرية “أودلف هتلر” الذي استطاع بإعلامه الكاذب والمغشوش أن يوهم شعب ألمانيا العظيم أن جيشه الباسل يقتحم أسوار “لندن” ويدخل أزقتها الفاتنة بينما كانت جيوش الحلفاء تدك أسوار برلين وتقتحم أخواتها في الشمال والجنوب.

تدور الدنيا ويتغير الزمن وتظهر التكنولوجيا بكل أنواعها وأصنافها ويصبح العالم كله قرية واحدة لكن هذا النمط من السياسات يبقي منتشرا في العالم العربي الذي تكون مهمة وزراء الإعلام فيه خلق شعب بلاوعي ولا ضمير ولا أخلاق ولا تقدم ولا رفاهية ولا ازدهار ليبقي الحاكم العربي جاثما على صدور مواطنيه “يحيا كيف شاء ويحكم كيف شاء يعز من يشاء ويذل من يشاء” إلى أن يأتيه القدر المحتوم فيصاب بجلطة في خطاب رئاسي أو رصاصة في موكب رئاسي أو رصاصة صديقة لا يعرف مصدرها إلا العالمون بدهاليز الحكم ومكائد الساسة والسياسيين فيرحل إلى أمريكا أو فرنسا وهناك يستبدل الزعيم بنسخة أصلية منه تتغير الأسماء والوجوه لكن الشعب يبقي دوما بلا وعي يهتم بتفاصيل سيناريوهات المختلفة التي أودت بحكامه إلى الرحيل عن حكمه مكرهين لا أبطالا أو متنحيين .


في جمهورية الشائعات يعيش الشعب حلقات متتالية من مسلسل “الرصاصات الصديقة” الذي وصل ذروته عندما أطلقت إشاعة كاذبة أن “البطل شفاه الله” رحل عن عالمنا متأثرا بجروح أصيب فيها في الحلقة الأولى من المسلسل العظيم الذي اتفقت المعارضة والموالاة و الصحافة والمثقفون والأفاكون وقطاع الطرق والمصفقون لكل حاكم جديد وشيوخ القبائل على متابعة حلقاته كاملة وبأدق تفاصيلها على أن يتناوب الجميع على إطلاق الشائعات حتى عودة البطل سالما معافا وحينها سيعلم الذين خانوا أي منقلب ينقلبون.


بدأت الشائعات حينما قيل لنا إن موكب الرئيس أمطر بوابل من الرصاص من قبل وحدة عسكرية أمنية أرادت مطاردة تنظيم القاعدة فوقعت في عكسه تماما وكادت أن تغتال عدو “القاعدة” اللدود الذي سامها صنوف العذاب الحادث لم يصب فيه إلا “رئيس الجمهورية” فقط فحتى سيارته الفارهة استطاعت أن تصل نواكشوط “مسافة أربعين كيلو” دون أن تصاب بخدوش حتى على واجهاتها الأمامية إنها الرصاصة “الصديقة” التي عندما يطلقها صديقك فإنها لا تصيب محيطك أو سيارتك وإنما تلج مباشرة إلى داخل أمعائك…


سخرت الدولة كل وسائلها لدعم هذه “الرواية” وزير الإعلام كان أول من خرج علينا بهذه القصة التي تكذبها كلماته المرتبكة وأدائه المرتجف وهو يقرأ البيان الأول في جمهورية “الشائعات” عن قصة الرصاصة الصديقة…


بعد ذلك خرج علينا رئيس الجهورية “شفاه الله” ليؤكد الموضوع لكن دون الكشف عن التفاصيل وبدى وكأن الأمر لن يتطلب إلا أياما ويعود الرئيس إلى سابق عهده و ترتفع الأسعار وترجع المعارضة إلى ساحة “بن عباس” ولكن تأتى الرياح بلا نشتهي فالأيام أكدت أن وزير الإعلام استخف بعقولنا حين أخبرنا أن إصابة “الرئيس طفيفة” ليتضح أنها “خطيرة” وستتطلب أسابيع أو لا- قدر الله- شهورا قبل أن يعود الرئيس الجريح إلى عرينه.


في 48 ساعة الأخيرة كانت “نواكشوط” حبلي بالشائعات عن “انقلاب” تارة يقوده غزواني على رفيق الدرب والسلاح، وأخرى عن تشكيل لمجلس عسكري بقيادة “هادى” وثالثة عن إعلان شغور منصب الرئاسة من طرف مجلس دستوري يتخصص في تبرير الانقلابات خصوصا إذا كانت بنكهة عسكرية.. وثالثة عن خلاف بين حرم الرئيس وقائد أركانه وأن السيدة الأولى تسعى إلى أن يتولى رجالها المخلصون مهمة الإشراف على “البلد” إلى حين عودة الرئيس.


يتحدثون عن وفاة “إكلينكية” لصاحب الفخامة فيتلقف المدونون والمغردون الخبر من أحد المواقع وينعون الرئيس ويبدأ بعض المتزلفين صياغة بيانات تأييد ومساندة لا ينقصها إلا اسم الحاكم القادم الذي لن يعجزهم معرفته إن هم أمعنوا النظر في تاريخ العسكر والانقلابات.


الإشاعات المضادة تقول أن الرئيس بصحة جيدة وأنه “زي البومبا” على رأي إخوتنا المصريين متناسيين أن فخامته لم يظهر لمخاطبتنا في العيد وناب عنه أحد الصحافة في تلفزيوننا المحترم دون أن نعرف ما الوجه القانوني لذلك وأين رئيس الوزراء أو مجلس الشيوخ الذين يفترض بهم أن يكونوا هم خلفاء الرئيس ونوابه في مثل هذه الأوقات العصيبة.


يتحدثون عن انقلاب في قيادة الأركان وأن الرئيس “الجريح” شفاه الله سيصدر قانون عزل الجنرلات الذي سنه سلفه “ولد الشيخ عبد الله” فكان الرد سريعا من العزيز أيام عزه وسؤدده لكن حظ الرئيس كان جيدا فالمرسوم مجرد إشاعة ولو كان صحيحا لتكرر سينارويوا 2008 بحذافيره دون تبديل أو تحويل.


“كلما سمعت كلمة نائب برلماني في اجتماع مع العسكر تحسست انقلابا”.


النواب برلمانيون الموقرون شاركوا هم أيضا في صناعة الشائعات فقد خرجوا علينا نافين وجود انقلاب متهمين المعارضة بأنها تحرض على الانقلاب متمسكين بشرعية سياسية هم كانوا أول من تخلى عنها في أغشت وقد يتخلون عنها إن اقتضت ضرورة الأحداث ذلك.. تلك هي لعبة العسكر الذين يحسنونها مع برلمانيهم الذين يعقدون معهم زواج “متعة” كلما أريد لهذا البلد أن يسلك سبيلا آخر…


موريتانيا تحولت إلى أرض “الشائعات” والحقيقة الوحيدة أن البلد “بلا رئيس” –شفاه الله – وأن قطار التنمية توقف منذ أن قرر العسكر أن يكونوا حلا قاتلا لمشاكلنا وآهاتنا الذين هم في الأصل صناعها …


شفى الله الرئيس وشفى بلده ومواطنيه من داء الشائعات …


في حين أن تنجلي الحقيقة سنردد مع بن العبد قوله :

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك بالأخبار من لم تزودي

وَيَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَـهُ *** بَتَـاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِـدِ

ولا خير في خيرٍ ترى الشر دونه *** ولا نائلٍ يأتيك بعد التلدد

عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه *** فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment