Wednesday 31 October 2012

كفي من تغيير الأخطاء بالأخطاء | ‫#موريتانيا أخبار

إن حالة الترقب التي تعيشها موريتانيا اليوم و شعور الجميع بعدم الإطمئنان لما تخبؤه الأيام بعد الحادث الذي تعرض له رئيس الدولة لدليل علي حاجة البلد و من فيه إلي إيجاد قواعد للحكم لا يكون هذا الأخير فيها مرتبطا بفرد يغيب بغيابه كل شيئ و ينعدم بوجوده كل وجود. فلو كان الجميع مقتنعا بأن الوطن قد يحكمه أي من أبنائه و تواضعو علي مسطرة لإنتقال الحكم و احترموها لما داهمنا القلق الأمني اليوم ولقتصرت مخاوفنا علي سلامة الرئيس وما خشينا علي سلامة الوطن.

إن مسؤولية معالجة هذا الوضع تقع علي عاتق طرفين أساسيين هما الجيش و الطبقة السياسية.فالمؤسسة العسكرية مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضي بإعادة النظر في علاقتها بالسلطة السياسية وتكييف تلك العلاقة بما يمهد لوضع قانوني تتداول به هذه الأخيرة سلميا و بفرص متساوية أمام الجميع وبحماية من هذه المؤسسة نفسها,في الوقت الذي يكون الجيش فيه جهة محايدة لا يهمه غير سلامة الوطن وأمن الأمة و احترام النظم, مع حقه في امتلاك كل الإمكانات المطلوبة لأداء هذه المأمورية النبيلة و المهيمنة.


ولعل ما جري مؤخرا ولا زال متواصلا من أحداث مؤلمة في العديد من الدول التي تربطنا بها مختلف انواع الصلات و التشابه يكون عونا لقادة جيشنا علي اختصار التجارب و استخلاص العبرة المنشودة بلا تكلفة تزيد معانات هذا الشعب المنهك أصلا .


أما الزعماؤ السياسيون وذوي النفوذ الإجتماعي فالحمل عليهم أثقل والواجب آكد . فرؤساء الأحزاب و أصحاب المواقع ذات التأثير في المجتمع هم من يحكم بهم الشعب و يساس عن طريقهم البلد .وهم من يخلق ويرسخ في ذهن المواطن العادي مبادئ التعامل مع الدولة من خلال مواقفهم السياسية وتصرفاتهم المتعلقة بها . فإما أن يجعلو نظرته إليها نظرة الطامع المتربص الذي لا يهمه سوي ما يكسبه من منافع شخصية , ولعل هذا بكل أسف ما طبع سلوك الغالبية منهم لحد الآن, وإما أن يعطوه الإنطباع بأنها كيان يأوي الجميع و يتقدمه الأصلح من أبنائه ثم يتعاون الكل علي النهوض به , وهذا الذي نرجو الله أن يوفقهم له اليوم.


ونحن الآن مقبلين علي إحدي حالتين كلتاهما فرصة للمراجعة والتقويم: عودة الرئيس لمزاولة عمله من جديد أو ثبوت عدم قدرته علي ذلك ليستبدل بغيره .وفي كلا الإحتمالين نحتاج الي تهيئة استراجية للتعامل مع الوضع الجديد بحكمة تجنب الوطن مخاطر الإنزلاق نحو المجهول مجددا.


وكنصيحة تستشرف هذا المستقبل فإنني أنوه بؤلئك الذين قد يكون لهم رأي في ما هو قابل من أمر موريتانيا المسكينة سواءا منهم الداعمين او المعارضين للسلطة القائمة أن ينهجو نهجا وطنيا يتجاوزون فيه الخضوع لمقتضيات تحالفاتهم التقليدية أو التطلع لمصالحهم الشغصية لصالح إكراهات دواعي حفظ الوطن. فيعملو, إن عاد الرئيس, علي إقناعه أوإرغامه علي التصرف ضمن أطر قانونية تحترم لكل اختصاصه وتخرج الدولة من ضيق قبضة الفرد إلي سعة حكم القانون حتي يقتنع الجميع بالمشاركة في إعمارها ولا تبقي ضحية للتجاذبات البارغماتية الذاتية. وإن لم يعد الرجل فليحذرو من التسرع في تشجيع أو تبني أي استيلاء علي السلطة تقوم به جهة عن طريق غير قانوني. بل يتوحدو بكل أطيافهم وراء هدف استراتيجي واحد الآن و هو نقل السلطة سلميا إلي أي مدني أيا كان ثم ليصبرو عليه بعد ذلك حتي تنتهي فترة تكليفه. فلكل تجربة عثرات, غير أن النظام الديموقراطي يتيح فرصة تصحيح الأخطاء سلميا. و لقد سئم العباد والبلاد من تغيير الأخطاء بالأخطاء.




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment