Monday 29 October 2012

الي اين تتجه موريتانيا ما بعد الرصاصة؟ | ‫#موريتانيا أخبار


الاثنين 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2012









محمد عبد الله ولد احبيب، باحث مقيم في فرنسا

منذ أن تعرض الرئيس الموريتاني للرصاص قبل اكثر من اسبوعين والشغل الشاغل للرأي العام هو معرفة من استهدف الرئيس؟ فألفت القصص وأنتجت الافلام وأخرجت المسرحيات فتحدث البعض عن نيران صديقة والبعض عن فضيحة اخلاقية، والبعض عن القاعدة، فكثر القال والقيل، ومع كل ذلك ظل السؤال مطروحا من دون جواب مقنع حتي تجاوزه الزمن وتطورت الأسئلة وكثرت التحليلات وازداد الوضع ضبابية وقتامة.


وفي هذا المقام لا يهمنا حقيقة من استهدف الرئيس ولا من اطلق الرصاصة عليه، المهم ان الرصاصة أطلقت علي الرئيس شفاه الله حتي سقط طريح الفراش في مستشفيات باريس والحقيقة الوحيدة التي يجب ان نهتم بها اليوم هي معرفة الوضعية الصحية له وهي حق الجميع موالون ومعارضون.


علي الجميع ان يطالب بنشر تقرير طبي وافي عن صحة الرئيس بدل ترك المواطن يسترق السمع هنا وهناك ,وفي انتظار ذلك التقرير ليس امام المواطن غير التحليل والتخمين وان يستند علي المنطق والعقل عله يتعرف علي الحقيقة من بين الشائعات الكثيرة والتي نجحت حتي الان في اشغاله عن مشاكله اليومية كارتفاع الاسعار ونسبة البطالة المرتفعة بالإضافة الي ضيق ذات اليد.


إن وضعية الرئيس الصحية هي وحدها التي تستطيع ان تجيب علي السؤال الي اين تتجه موريتانيا؟


الوضع الصحي للرئيس:


لا تزال الانباء والمصادر متضاربة في هذا الشأن فمنها من يقول بأن الرئيس في وضعية جيدة وأنه في فترة نقاهة يتلذذ فيها بأجواء مدينة الانوار الساحرة وأنه هو نفسه من أراد التواري عن الانظار ومنها من يقول بانه مازال طريح الفراش في مستشفيات باريس وان مضاعفات صحية حصلت له في الفترة الاخيرة حتي ان البعض وصل الي القول بموته سريريا, لكن الشيء الوحيد الذي لا يختلف عليه اثنان اليوم في موريتانيا هو انه اذا كان ظهور الرئيس اعلاميا يمكن اعتباره دليلا كافيا علي صحته من جهة ومن جهة اخري كان هذا الظهور يمكن التعبير عنه بدالة رياضية , فان هذه الدالة من مالا شك فيه انها دالة رياضية غير متصاعدة وحتي علي الاقل غير ثابتة من حيث قوة الدليل, فالرئيس ظهر في المرة الاولي بعد ساعات من العملية التي اجريت له في المستشفى العسكري بانوا كشوط علي شاشة التلفزة ليطمئن مواطنيه الاعزاء علي صحته وشاكرا للأطباء علي نجاح العملية وفي المرة الثانية ظهر في صورة مبعوثة من فرنسا يظهر فيها شاحب الوجه عليه امارات التعب تلك الصورة التي كانت محل خلاف بين السفير ووزير الاعلام كما قيل في بعض المواقع الاعلامية أما في المرة الثالثة فقد اكتفي برسالة مكتوبة من باريس تذكر بالبرنامج الاذاعي نزهة المغتربين, يذكر أن هذه الرسالة هي الاولي من نوعها حيث لم يكن من العادة ان يلقي الرؤساء الموريتانيون خطابا في عيد الأضحى و هو ما يمكن ان يفهم منه حرص الرئيس علي الظهور إعلاميا او علي الاقل محيطه.


ان المتابع لمحمد عبد العزيز من خلال تصرفاته ونظرته للأخر في خطاباته المعروفة بالصراحة والسطحية سيجد انه شخصية عسكرية بامتياز ذات حس أمني وانه ليس بتلك الدرجة من الغباء التي تجعله يتفرج علي الشائعات من دون أي تصريح ولا كلام وأنه هو اخر عسكري سيثق بعسكري اخر فتجربته في حراسة ولد الطائع تمنعه من أن يثق في أي كان, فالرجل لو لم يكن مريضا مرضا يمنعه من الكلام لخرج من صمته وقال ما في قلبه فهو معروف بصراحته, والا كيف يعقل ان يكون حريصا في ساعاته الاولي علي الظهور ولايكون اكثر حرصا وقد قضي اكثر من اسبوعين؟


خلاصة القول بان كل المؤشرات حتي الان تدل علي أن الرئيس في وضعية صحية غير مبشرة للأسف الشديد, وضعية تفتح علي توقع الكثير من السيناريوهات و تجعلنا نتساءل من جديد عن الي اين تتجه موريتانيا ما بعد الرصاصة ؟


ربما يكون السؤال صعبا, بل وربما مستحيلا , ليس علي الشعب وحده لكن ايضا علي الطبقة السياسية من جهة والعسكر من جهة اخري ولكن صعوبة السؤال لن تمنعا من توقع بعض السيناريوهات لكل منها ما يؤيده, ولكل منه ما يجعله مستبعدا في نفس الوقت, ولكن بدرجة متفاوتة ما بينها.


السيناريو1: انقلاب عسكري


ان تاريخ العسكر في موريتانيا وفي افريقيا بصفة عامة الذي يشهد لهم بتمسكهم المستميت بالسلطة والانقلابات المتكررة يجعل هذا السيناريو مطروحا حتي ولو كان تسويقه صعب المنال محليا, ولكن بالمقابل ليس صعب التسويق علي المستوي الخارجي خاصة في ظل مطالبة الغرب للجيش بالمشاركة في حرب شمال مالي المقبلة, فاذا صحت فرضية عجز الرئيس فان الجنرالات لن يبخلوا جهدا من اجل السيطرة من جديد علي مقاليد الحكم.


السيناريو 2: تغيير دستوري


معوقات هذا السيناريو أكثر من محفزاته خاصة في ظل الأنباء التي تفيد بالمرض المزمن لرئيس مجلس الشيوخ هو الاخر بالإضافة الي اشكالية انتهاء صلاحية البرلمان وهو ما سيجعله مستبعدا من لدن الاطراف المعنية بإيجاد حل للازمة الراهنة.


السيناريو 3: اجماع وطني برعاية فرنسا


من ما لاشك فيه أنه في حالة صحة فرضية عجز الرئيس الموريتاني عن تأدية مهامه في الوقت القريب, لن تبقي فرنسا مكتوفة الايادي ومتفرجة علي الوضع في موريتانيا من دون المشاركة في رسم صورة المشهد السياسي في البلد ما بعد الرصاصة وخاصة أن فرنسا تحتاج موريتانيا في حربها علي القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي , وربما كل هذه الضبابية التي تطبع الوضع السياسي في البلد هذه الايام هي بسبب تعتيم فرنسا علي وضعية الرئيس الصحية حتي تتمكن من ايجاد صيغة لحل يرضي جميع الاطراف المدنية والعسكرية , صيغة تضمن لفرنسا دخول موريتانيا في حرب شمال مالي بجسم واحد وجبهة داخلية موحدة قوية.


تلك الصيغة التوافقية ربما تأخذ من مباردة مسعود بلخير أساسا لها خاصة ما يتعلق منها بحكومة وحدة وطنية تشرف علي الانتخابات, وهذا السيناريو الاخير هو الاقل استبعادا فقد ظهرت بوادر تشكيله حيث اصبحت هناك اصوات من الاغلبية تدعي له مثل المصطفي ولد اعبيد الرحمن بالإضافة الي الموافقة الضمنية التي تفهم من خطاب منسقيه المعارضة عليها , كما انه يفهم ايضا من لقاءات الاوروبيين مع بعض زعماء المعارضة في الاسابيع الماضية أن هناك شيئا ما يريده الاوروبيون في هذه الفترة من منسقية المعارضة.


وفي الختام فان كل السيناريوهات ستظل مطروحة وحاضرة مادامت حقيقة موريتانيا ما بعد الرصاصة هي الغائب الوحيد.


محمد عبد الله ولد احبيب، باحث مقيم في فرنسا


Mohabib2010@yahoo.fr


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment