مصر التي ما فتأت تكافئ كل من بذل الغالي والنفيس من أجلها.. هي مصر التي عبرت التاريخ وعبرها التاريخ،مسجلا حضارات وحضارات كانت لها الدور الفعال في نمو وازدهار البشرية جمعا.مصر وسجن يوسف هذا السجن الذي دخله عبدا مملوكا وخرج منه سيدا بعد ما كان مسودا مصر عمرو ابن العاص وقطز وصلاح الدين مصر أم الدنيا.
مصر المسلمة هاهي تسترد عافيتها وقوتها ووهجها بعدما فارقها عقود طويلة ، ما كنت أحسب أنى سأعيش لهذه اللحظة التاريخية من حاضر الأمة العربية والإسلامية بعدما عاشته من ذل وتقهقر عن دينها و متدينيها ، بعدما ظل الغرب وخلفائه على الأمة ينحتون في صخرها الصلب من أجل محو تاريخها المجيد القائم على “العزة لله ولرسوله وللمؤمنين” ودعت مصر في هذه اللحظة تاريخا معتما ملبدا بالتبعية العمياء للغرب وموصدا باتفاقيات المهانة والخنوع مع العدو الصهيوني، ودعت مصر بهذه النتيجة التي ترمز في دلالتها علي شيء واحد هو أن الأمة لم تعد هي الأمة قبل 25 يناير أصبحت الأمة في ثوب جديد هو ثوب النصر الذي فارقت الإحساس به بعدما خرجت دبابات المستعمر من على وطننا العربي و خلفتها أحذية ونخالات الفكري الاستعماري في أشكال شتى من ليبرالية ويسارية … ألخ
تأتي هذه اللحظة المفرحة بعد لحظات سبقتها من الحزن و الإكتآب أبتداءا من 1923 سقوط الخلافة الإسلامية ونكبة فلسطين 1948 ، واحتلال العراق 2003 ولائحة تطول، هذه اللحظات الموجعة ها نحن ندلكها بفرح هذه اللحظة. وهي لحظة إعلان فوزي مرسي رئيسا لمصر في أول انتخابات شفافة ونزيهة في مصر من بدايتها إلى يومنا هذا ، حيث نرى قصة يوسف تتكرر ومحنة يعقوب تعاود أذهاننا بعدما مررنا عليها مر الكرام في سورة يوسف وكأنها حدث تاريخي في القرآن ، وهي كذلك إلا أنها عبرة لكل من له الحق و إن عرف السجون والتعذيب والتنكيل يوما ما الله ناصر حقه ، بعدما شهدته حركة الإخوان المسلمين من إقصاء منذ الأيام الأولى لها وهي ما تزال في تلك الفترة مضايقة تقوم بكل نشاطاتها بكل سرية وكتمان بعيدا عن الأنظار وكأنها تقوم بفعل محرم، تحرمه الشرائع السماوية والقوانين الوضعية في حين أنها تقرأ الوضع الذي صارت عليه الأمة أنذاك من بعد عن هويتها وتنكر لتاريخها وتتبع آثار من لم يعرف التاريخ ولا التطور إلا بعدما جلبه المسلمون لهم إبان وجودهم في الأندلس،رفع الستار عن هذا الفكر وأصبح يمارس في العلن ، ليس من قبيل أنه هو الوحيد في الساحة الذي يريد الانتقال بالأمة إلى بر الأمان بل لأنه الأكثر تضحية في هذا المجال .
إن أبناء السجون الذين ناضلوا من أجل مصر قدموا القائد تلو القائد والشبل تلو الشبل ” وهذا الشبل من ذاك الأسد” يحصدون ثمار ما غرسوه طيلة الحقب الماضية يصلون إلى السلطة على أعين الأعداء في الداخل والخارج يحققون هذا النصر المؤزر بإذن الله ، والذي يجسد مشروع حسن البنا رحمه الذي رسم قواعد ثابتة للحركة في سبيل الوصول إلى قلوب الناس ومن بعد ذلك إلى الحكم وممارسة السلطة التي ينبغي أن تكون من الشعب وإلى الشعب، هذا المشروع الكبير الذي يري النور من خلال هذا الانتخاب الحر والنزيه من شعب مصر لأول رئيس بعد الثورة المجيدة التي تؤسس لمستقبل واعد بعيدا عن الظلم وعن الأحكام الشمولية و الاستثنائية والقوانين العرفية ، التي تكبل المرء في يقظته وفي نومه،فهنيئا لمصر بانتخاب رئيس جديد يوصلها إلى بر الأمان، وينئ بها عن كل ما كان يخبئه المستقبل لها لو دامت في هذه الحال أكثر مما مضى.
كما نهنئ جماعة الإخوان المسلمين على هذا الانتصار الباهر الذي يعني بطبيعة الحال الإيذان بمرحلة جديدة من الحكم في العالم العربي ، هذه المرحلة التي أصبح التغيير فيها يأتي من خارج النظام بدل التغيير الداخلي الذي كان يعرف بالانقلابات في العالم العربي التي ظلت سائدة منذ فجر الاستقلال عن المستعمر إلى الماضي القريب والقريب جدا، نبارك لهم هذه الفرحة وهذه النشوة التي لا تقتصر عليهم بل هي نشوة كل حر في العالم الإسلام يتقمص هذه اللحظة يجد نفسه مشتدا إليها دون علمه، لأنها تسير في خلده تحت مظلة لا شعور،
فبورك لكم يا ثوار مصر انتصار إرادكم ، وتحقيق هدفكم الذي أيقظ التنين المارد في أرضكم حتى أحدث زلزالا قلب الموازين ، وخلط الأوراق في أيدي لاعبيها، كما بورك للجيش المصري رباطة جأشه المعهودة والتي أتسم بها عبر العصور الغابرة على خروجه بمصر من على فوهة البركان دون أن يستيقظ، ولقضاء مصر العادل الذي وقف منذ موسى عليه السلام إلى يومنا هذا مع الحق ومع المظلوم دونما خوف ولا طمع.
فبورك لك يامرسي فأنت لأول في مصر في صفاتك أول رئيس مدني من عهد فرعون ، وأول رئيس منتخب ، من عهد فرعون ، و أول رئيس من الإخوان ، منذ نشأتها لمصر.
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:
Post a Comment