Friday 29 June 2012

‫#موريتانيا‬‏ أيهما أولى في هذه المرحلة: التعدد أم زواج المتعة؟؟





لقد قرأت الكثير من المقالات والتعليقات، واستمعت إلى الكثير من التصريحات التي تنادي بتعدد الزوجات، بالإضافة إلى صرخة القلم، التي لا بد وأنها قد وجدت لها أكثر من معتصم(؟)، لكن وبالنظر إلى كثير من الاعتبارات المرحلية في فقه المجتمع والأسرة، فإني أعتقد أن تعدد الزوجات في الفترة الراهنة ليس هو أهم أجندا الألفية الثالثة.


بل إن لي في مسألة التعدد رأيا وجيها , وإن كان من وجهة نظر البعض قد يبدو غريبا. ولعلنا بالحوار نتبين أي الرأيين أقوى دليلا، وهذا ما حملني على المشاركة ولو شيئا قليلا.


وقبل تناول هذا الموضوع الطويل والدخول فيه بشيء من التفصيل، لا يسعني إلا أن أنبه معشر النساء كلهن، أني لم أقف إلى جانبهن وأكتب هذا الرأي لسواد عيونهن وتلك تهمة بات من السهل نفيها في هذا الزمان الذي تزينت فيه العيون بمختلف الألوان بل إن الأمر من وجهة نظري يتسامى عن الرأي الشخصي مهما كان لأننا وببساطة نتناول قضية كبرى قد حسمها القرآن وليست مجرد رأي يحمد عليه فلان أو علان.


وإذا افترضنا أن المسألة مسألة رأي بالأولى , فما هو رأيكم أنتم في قول الله تعالى : وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ وقوله تعالى : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً.؟؟

أليست الآية الأولى بمثابة الحقيقة الحتمية والآية الثانية بمثابة الفتوى الشرعية الملزمة !!.


ولكن الرأي الذي أريد أن أذكره هنا ـ بالإضافة إلى ما يذكره العلماء في هذا المعنى ـ أن التعدد في فقه التنزيل رخصة لمجتمع لم تبق السيوف من رجاله إلا أقل القليل حتى بقي النساء بلا كافل ولا معيل، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتونه في النساء، فجاء الجواب في سورة النساء : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً فكان قوله تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ جوابا للشرط الذي قبله : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى .


ولكن البعض قد استغنى عن الشرط بجوابه واكتفى بجواب الشرط عن شرطه، مثل حاضر صحيح في رمضان وقد سأل عن الوقت الذي يباح له فيه قطع الصيام؟ فقيل له إن رأيت الهلال فاقطع الصيام وكل ما يحلو لك من الطعام: فطورا وغداء وعشاء.


ولكنه لحاجة في نفسه قد ترك الشرط الذي هو : (إن رأيت الهلال) واكتفى بجواب الشرط الذي هو: (فاقطع الصيام وكل ما شئت من الطعام …) رغم أنه ما زال في بداية شهر الصيام؟!


وهكذا من يأخذ جواب الشرط : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ …, ويترك الشرط الذي هو : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى.


بل إن الإذن بالتعدد جاء بين شرطين أساسيين يكتنفانه كأنه بين قوسين أولهما: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى وثانيهما: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً قال تعالى:

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ((فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)) فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ[الآية (3) النساء]، فشرع التعدد وملك اليمين، كوسيلة إيواء إلى حين، ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر القوم إيواء للمساكين.


أضف إلى ذلك أن من تأمل آيات النساء في سورة النساء، يدرك بوضوح ويلاحظ بجلاء، أنها تندرج في تلك الفتاوى العظيمة التي جاءت ردا على أسئلة وجيهة: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ. فكان من هذه الفتاوى ما هو بمثابة رخصة مرحلية لقوم تعين عليهم كفالة فتيات يتامى أو إعالة نساء أيامى لا سبيل إلى التعامل معهن إلا بالزواج بهن.


وأما بالنسبة لمن يُغْفِلُ هذا الأمر برمته ويتتبع الرخص لتكميل شهوته فإن هناك رخصا أخرى أو أدلة بالأحرى مثل زواج المتعة الذي ثبت بأقوى الأدلة من الكتاب والسنة وقد يكون حلا لهذه المشكلة.


والذي يريد أن يطلع على كل هذا فلينظر كتب التفسير عند قول الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [الآية 4 النساء] وقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الآية 5 المائدة ].


وقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود قال: [ كنا نغزوا مع رسول الله (ليس معنا نساء، فقلنا ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ]. (رواه البخاري) والمعنى: أنه أذن لنا أن نتزوج المرأة بالثوب أو غيره مما نتراضى به إلى أجل مسمى نتفق عليه.


وقد أخرج مسلم في هذه المسألة سلسلة طويلة من الأحاديث الصحيحة كلها تبيح زواج المتعة ولهذا بوَّب لها أبو زكريا النَّووِيُّ في شرحه لصحيح مسلم فقال: (بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ).


وبما أن المقام لا يتسع لسرد هذه الأحاديث كلها فسوف نقتصر منها على حديث عطاء بن أبي رباح الذي أخرجه مسلمٌ فِي (كتاب النكاح) قال: (قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مُعْتَمِرَاً ، فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ، ثُمَّ ذَكَرُوا الْمُتْعَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ).


وفي صحيح مسلم أيضا من حديث جابر قال: (كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ).


وقصة عمرو بن حريث أخرجها عبد الرزاق في مصنفه من حديث جابر بن عبد الله قال: قدم عمرو بن حريث من الكوفة فاستمتع بمولاة فأتي بها عمر وهي حبلى فسألها فقالت استمتع بي عمرو بن حريث فسأله فأخبره بذلك أمرا ظاهرا قال فهلا غيرها فذلك حين نهى عنها عمر.


ثم إن تعطيل عمر لزواج المتعة لا يعتبر نسخا للشريعة المحمدية في عهد الخلافة العمرية وإنما كان تعطيلا ظرفيا في تلك المرحلة كتعطيله لحد السرقة.


ولهذا أخرج عبد الرزاق في مصنفه أيضا من حديث: أبي سلمة بن سفيان أن امرأة جاءت عمر بن الخطاب فقالت يا أمير المؤمنين أقبلت أسوق غنما، فلقيني رجل فحفن لي حفنة من تمر، ثم حفن لي حفنة من تمر، ثم حفن لي حفنة من تمر ثم أصابني. فقال عمر: قلت ماذا؟ فأعادت. فقال عمر: مهر، مهر، ويشير بيده كلما قال ثم تركها.


وقد أخرج عبد الرزاق في المصنف من حديث أبي الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول استمتعنا أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم حتى نُهي عمرو بن حريث قال وقال جابر إذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر قال وسأله بعضنا كم تعتد قال حيضة واحدة كن يعتددنها للمستمتع منهن.


وهذا هو نفس زواج المتعة كما رواه الربيع بن سبرة عن أبيه في فتح مكة.


والفرق بين زواج السرية وزواج المتعة أن المتعة زواج إلى أجل مسمى قد اتفق عليه الطرفان وأما السرية فهي زواج بنية الطلاق مع إيهام المرأة بنية البقاء ولا شك أن الصدق مع الزوجة أولى من الكذب عليها.


ولعل أحدا أن يقول إن زواج المتعة لم يأخذ به أهل السنة والجماعة وإنما أخذت به بعض الطوائف الأخرى كالشيعية.

وهذا صحيح ولكنه لا يخرج الأمر عن دائرة المباح لأن المباح يستوي فيه الفعل والترك، فنكاح المتعة مباح عند أهل السنة وإن تركوه ولهذا فإن عامة أدلة نكاح المتعة هي من النصوص المتفق عليها بين أهل السنة والشيعة.


وقد ثبت أن عليا قال بالكوفة لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة ثم ما زنا إلا شقي.

وقد استمتع معاوية بامرأة يقال لها معانة وكان يرسل إليها بجائزة كل سنة.


وبعد كل هذه الأدلة لا يسعني إلا أن أختم بالسؤال الذي طرحته في البداية: أيهما أولى في هذه المرحلة: التعدد أم زواج المتعة؟؟



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment