Sunday 14 April 2013

دعوة للتفكير قبل التغيير المنشود…

جعفر محمود - لهافر- فرنسا - jaavar27@yahoo.fr

جعفر محمود – لهافر- فرنسا -



دوار شديد يصيبك حين تطل على خريطة وطنك وتفكر في مستقبل أبنائه، ودوار أشد يصيبك وأنت تستمع لخطاب الحاكم، والطامة الكبرى أن تنشد الخلاص في خطاب المعارضة. وإني لا أريد هنا الهجوم على أحد ولست معنيا بذلك، إنما أريد أن أقاسم أبناء وطني الغيورين كأس القهوة الذي احتسيه ولحظة التفكير في مستقبل الوطن خارج منطق الحاكم وخارج دائرة التنظير الرسمي لزعماء المعارضة.


إن أهم حالة سياسية أسس لها ما يطلق عليه إعلاميا “بالربيع العربي” من وجهة نظري هي انهيار سياسة التمثيل النخبوي، وانتقال زمام المبادرة من النخبة إلى الشعب، وسعي الجماهير إلى التغبير خارج إطار النظام وأجندة الأحزاب المعارضة حينا والموالية أحيانا، وهذا ما يجب أن نعيه جيدا في الحالة الموريتانية.


إن التغيير المنشود ليس بالضرورة حالة سياسية يجب أن تقودها المعارضة أو تؤسس لها الأحزاب بل من وجهة نظري التغيير الحقيقي والذي من الممكن أن يعبر عن كل موريتانيا لا يكون بمشاركة المعارضة القائمة حاليا، لأن أي تغيير اجتماعي يتطلب شروطا موضوعية لا تتوفر في معارضتنا الموقرة وأحزاب المناسبات التي يتزعمها قادتنا العظام، والشروط هي: نخبة مخلصة، ورؤية واضحة، وإدماج حقيقي لكل فئات المجتمع.


والمتتبع لمشهدنا السياسي يدرك أن نخبنا السياسية مع الأسف هي نخب مسكونة بالصراعات البينية والمصالح الضيقة، ومهمومة بالسلطة والقتال من أجل الوصول إليها، ولا تقبل الإقرار بفشلها وقلة خبرتها وعجزها عن تقديم بدائل واضحة للنهوض بالوطن.


والتجربة في موريتانيا تقول إن المعارضة القائمة حاليا بكل عناوينها هي السبب الرئيسي في إفشال كل استحقاق سياسي قادت له الظروف التي مر بها البلد، أو دعت له الحركات الانقلابية التي قامت بفعل الصراع على مستوى النخب العسكرية المتنفذة، فلماذا ننتظر منها أن تكون قاطرة للعبور بنا هذه المرة عبر بوابة الحراك العربي وفي زمن الجماهير الثائرة؟


ولو سلمنا جدلا أن لا خلاص بدون هذه المعارضة الكلاسيكية فكيف سيكون هذا الخلاص!؟ وكيف ستتفق هذه النخب المحنطة!؟


هل يتنازل الرئيس أحمد ولد داداه مثلا عن حلمه التقليدي في أن يكون رئيسا لموريتانيا من أجل حلم أكبر يتمثل في المصلحة العامة للبلاد!؟


وهل يرضى الإسلاميون مثلا أن يكونوا أقل حظا من إخوانهم في مصر وتونس والمغرب ولا يقطفون ثمرة “ربيع عربي” يقدمون أنفسهم على أنهم أهم نبتة فيه!؟ وقل مثل ذلك في ولد مولود ومسعود وبقية الشلة.


إن المسألة ليست في إسقاط نظام ضعيف ومتهالك وشرعيته على المحك، بل هي في التخطيط لما بعد النظام، ومن المعروف أن الأزمات السياسية ترهق الأنظمة وتطيح بها، لكن ضعف المعارضة وهشاشة خطابها وعجزها عن التعبير عن المشروع الاجتماعي الحقيقي والساعي للإصلاح وليس للمصالح يدعونا هنا للتفكير مليا في بدائل تكون تعبيرا حقيقيا عن الشعب قبل أي تغيير سياسي تضيعه المعارضة كما ضيعت كل فرص التغيير السابقة.


إن الثورة تكون عادة ضد نظام قائم بلوبياته ورجالاته، ويكون البديل هو طليعة المجتمع ونخبه المعارضة والرافضة للفساد، لكن في حالتنا يجب أن نراجع السيناريو الثوري، لنثور أولا ضد المعارضة، ونؤسس لبديل حقيقي يعبر عن المجتمع ويحمل مشروعا إصلاحيا حقيقيا يحتضن الجميع ويتسع للجميع وشرط الانضمام له هو الهم الوطني والرغبة في بناء موريتانيا.


قبل تحقيق هذا الهدف وإنتاج النخبة القادرة على النهوض بالبلد وتحديد الرؤية، وإدماج الجميع في مشروع الوطن لا قيمة للحديث عن التغيير ولا نتيجة للتغيير إن وقع، فالمشكلة ليست في شخص ولد عبد العزيز أو نظامه بل هو أهون من أن يستمر أمام رؤية وطنية صادقة تنشد التغيير، إنما المشكلة الحقيقية هي في خلق نواة التغيير الحقيقي ولو كانت معارضتنا تحمل هذه الرؤية لما كنا محكومين اليوم بنظام مثل نظام ولد عبد العزيز، ولما كلفت نفسي اليوم مؤونة كتابة هذه الأسطر والتي قد تستفز بعض الوطنيين من كتابنا.


الأخبار




Filed under: موريتانيا, أقلام التغيير Tagged: موريتانيا, أقلام التغيير

No comments:

Post a Comment