Tuesday 30 April 2013

شح المياه يوقف عجلة الحياة في قرى آفطوط “صور”

سكان قرية ول كرون هجروا مساكنهم بسبب العطش

سكان قرية ول كرون هجروا مساكنهم بسبب العطش



بأدوات بدائية تتمثل في دلو مربوط بعصا طويلة يجاهد المنمي آمدو لنزح ما تبقي من مياه عكرة في قعر أحد الآبار السطحية على مشارف قرية ول أكرون في ضواحي مقاطعة أمبود، لا يبدو الرجل السبعيني مكترثا للجهد الذي يتكلفه هذا العمل المضني الذي ألفه مع مرور الزمن وأصبح جزء من حياته خاصة في هذه الأيام مع بداية في الصيف واشتداد الحرارة.


النساء والأطفال الجميع في مهام البحث عن الماء فى قرى أمبود

النساء والأطفال الجميع في مهام البحث عن الماء فى قرى أمبود



بئر اسمنتية عمقية بقرية أمبيديع أودي القربان

بئر اسمنتية عمقية بقرية أمبيديع أودي القربان



المياه الضحلة هي كل ما ينزحه القرويون من محافر هم في بطون الأودية

المياه الضحلة هي كل ما ينزحه القرويون من محافر هم في بطون الأودية



يقضى آمدو –كما يقول سحابة نهاره في سقي مواشيه من محافر المياه الضحلة التي تمتد كأطلال مدن أثرية على طول الوادي المتصحر فما إن ينضب أحدها حتى يسارع القرويون لحفر الآخر.

وإذا كان آمدو لا يحمل سوى هم توفير الماء لمواشيه التي هي مصدر قوته وقوت عياله فإن الحال ليس كذلك بالنسبة لآخرين من وراد هذه الآبار المطموره.


تقول تسلم إنها ترد كل يوم إلى هذه الآبار لجلب المياه ورغم براميلها الاربعة إلا أن الأمر يقتضي منها ساعات من العمل العضلي المضني ولولا مساعدة أشقائها الصغار لما استطاعت ملأ أوانيها ولا العودة بها إلى مضارب القرية التي لا يشرب سكانها سوى هذه المياه شبه السطحية.

وكما هو الحال هنا في ول الكرون التي دفع العطش الكثير من سكانها إلى الهجرة فإن قرى عديدة في آفطوط يتهددها المصير نفسه.

في الطريق إلى لكنيبه تغدو قوافل جلب المياه على ظهور الحمير أمرا مألوفا فالبحث عن نقاط المياه وجلبها يستنزف الكثير من طاقة القرويين وجهدهم،ومع ذلك فإن جل من يخرجون فيها هن من النساء والفتيات وحتى الأطفال الذين لا يريدون أن يفوتوا مثل هذه الرحالات اليومية التي تأخذهم خارج هموم القرية ومنغصات العيش فيها.

تهجير قسري


يقول الشاب المبجل ولد العيد من قرية لكنيبه إن شح المياه دفع بالفلاحين إلى ترك حقولهم والبحث عن أعمال حرفية في المدن المجاورة، وحتى التعاونية الزراعية النسوية التي كانت توفر دخلا مهما كان بساطته أصابها الكساد والبوار واختفت بالتالي منتوجاتها الهزيلة من النعناع والبطاطا والطماطم والجزر..

ولم يعد للسكان من نشاط سوى الزراعة الموسمية التي تعاني هي الأخرى من معوقات كثيرة ليس من أقلها الحاجة إلى السياجات والسدود للاستفادة من مياه الأمطار.


تلك المعوقات التي انعكست على إنتاج هذا العام من الحبوب فجاء رديئا ودون المستوى وعلى سبيل المثال يصل سعر مد الدخن “تغليت ” حوالي 800أوقية بعدما كان في حدود 400 أوقية في موسم الخريف.


سكان لكنيبه يعلقون آمالهم على انتهاء العمل في هذا الخزان الاسمنتي

سكان لكنيبه يعلقون آمالهم على انتهاء العمل في هذا الخزان الاسمنتي



آبار معطلة

يعتمد قرويو آفطوط على أنواع عدة من الآبار لا يكاد يجمعها سوى الجهد الجهيد في رفع المياه منها فهناك الآبار الأسمنتية التقليدية والتي وإن بدا ماؤها أكثر صفاء إلا أن مشقة نزحها وعمق قعرها وقلة مائها تجعل منها خيارا مفضولا لدى السكان.

ثم هناك محافر المياه الضحلة في بطون الأودية ذات الماء العكر والنزح الشحيح لكنها تظل الاكثر في قرى آفطوط ربما لسهولة رفع المياه منها وكثرة محافرها التي تعد بالمئات.


أما الآبار المزودة بمضخات يدوية والمعروفة ب”بوأكديم” فوحدها لكنيبه التي توجد بها مثل هذه البئر وهو ما جعل الاختيار يقع عليها لتحصل على خزان اسمني للمياه ضمن مشروع ممول من البنك الإسلامي للتنمية ومنفذ من وكالة النفاذ الشامل لا يزال العمل فيه جاريا.

وفيما يعلق كثيرون من سكان لكنيبه والقرى المجاورة كالجيش وفرع لادم وأيديقوب وول لكرون آمالهم على خزان المياه الجاري العمل في تشييده وما قد يحمل من خير ونماء خاصة عند تركيب مضخة ارتوازية على البئرفإن آخرين لا يجافون الحقيقة عندما يطرحون مشكل تسيير المضخة وتكاليف الوقود والصيانة والتصليح.

مؤكدين بالتالي أنها لن تكون الحل الأمثل لاسعاف التعاونيات الزراعية وانتشالها من وهدة الكساد والضياع.


التعاونيات الزراعية أصبحت جرداء والسبب شح المياه

التعاونيات الزراعية أصبحت جرداء والسبب شح المياه



معاناة تتجدد


في القرى المجاورة يطل مشكل المياه برأسه منذرا بالمزيد من تردي الوضع المعيشي فتارة يكون مجرد الحصول على المياه العذبة مشكلا يؤرق السكان كما في قرية بوغول وهو ما يعبر عنه الوجيه وددادي ولد محمد الزين وهو يشير إلى ما تبقى من آثار تعاونية نساء القرية بقوله :”مطلبنا الوحيد : توفير المياه، فالماء المالح أمرض الناس بضغط الدم وبحصوات الكلى والمرارة لذا فجل اعتماد السكان على المحافر السطحية الضحلة التي تبدا في النضوب مع حلول الصيف.

وطورا يكون عمق المياه وطول الآبار مظهرا آخر للمعاناة مع العطش كما يقول محمد لخيار من قرية أمبيديع أودي القربان.

وحتى مع وجود مضخة ارتوازية فإن الفقر وبدائية وسائل الحياة تجعل السكان مضطرين لشرب مياه الآبار والتي لا تحتاج دفع فاتورة استهلاك شهري ولا تتطلب أكثر من رشاء ودلو وعصا طويلة!!


ليس العطش والتهجير القسري وشلل مختلف مرافق الإنتاج دوما لازمة شح المياه في آفطوط بل أيضا المرض واعتلال الصحة بسبب الماء الملوث وإذا كانت قرى أمبود قد أعلنت خالية من مرض دودة غينيا فإنها لا زالت الموطن الأول لأمراض الاسهالات وسوء التغذية الناجمين عن تلوث المياه يعلق الوكيل الصحي بقرية لكنيبه.


شح المياه يوقف عجلة الحياة في قرى آفطوط “صور”.




Filed under: موريتانيا, مرصد حقوق, أخبار Tagged: موريتانيا, مرصد حقوق

No comments:

Post a Comment