Saturday 20 April 2013

اتحاد المصفّقة

الأستاذ / مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان

الأستاذ / مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان




أخذ الله تعالى اليهود بعذاب بيسٍ بما كانوا يصنعون، ومما كانوا يصنعون أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لقد كان لكل ظالم فيهم معين، ولكل طاغية بطانة سوء تزيّن له من العمل سيّئه ومن الرأي فائله.




كذلك في النخبة السياسية الموريتانية عصائب من المصفّقة لا تنهى ربّ رئاسة عن غيّ، ولا ترد صاحب عرش عن ضلالة، ولا ترشده إلى هدى، يصفقون لكل متغلّب، ويقلبون ظهر المجنّ لكل مغلوب، كأن لم يدعوه من قبل أبا العدل والزعيم الأوحد، وكأن لم يلهثوا خلفه ذات يوم، ثم انظر أنى يؤفكون إذ يفخرون اليوم أن رئيسهم رئيس الفقراء!! وأي شبه بينه وبين الفقراء وهو يجمع المال كالجُباة ويكنزه كالخزَنة، أما الفقراء فتهدم بيوتهم على رؤوسهم في أحياء الصفيح لتوهب أرضهم إلى ذي قرابة أو رحم للرئيس أو الوزير أو النافذ الفلاني.


شيء عجاب أمر هؤلاء.. وإن تعجب فعجب قولهم : “نعلن دعمنا اللامشروط لرئيس الجمهورية وتأييدنا لمشروعه الحضاري”، أي مشروع وأية حضارة أيتها المصفقة؟ أهو مشروع العطش الذي يضرب البلاد والعباد ويهلك الحرث والنسل؟ أم هو مشروع الفساد والسرقة والنهب المستشري في هذه الدولة؟ أهو مشروع الفضائح الأخلاقية؟ أم مشروع عصابات أكرا لغسل الأموال؟ أهو مشروع القطع الأرضية التي وهبها الرئيس وكبار الضباط لأنفسهم وأهليهم أم مشروع صفقات التراضي والتغاضي وتمكين الأقرباء؟!! هل تعلمون ترتيب موريتانيا في لائحة الفساد العربي بعد خمس سنوات من حربكم الزائفة على الفساد؟.


إذا كان الجواب بـ”لا” – وما لكم بـ”لا” ألفةٌ – .. فهل تذكرون فضيحة المتاجرة بأموال الجيش الوطني ورواتب الجنود؟ هل تتذكرون نصف مليار من الأوقية مُنح لفتى غرّ يبيع به ويشتري كأنه نصيب من ميراث؟ هل تتذكرون كيف يموت أبناء الجيش الوطني في طائرات مديرية الطيران العسكري؟ هل تشعرون بمعاناة المئات من أبناء القوات المسلحة الذين لا يجدون ما يطعمون به أبناءهم في الكزرة بينما عتاة الضباط الانقلابيين الذين تصفقون لهم يملكون الأراضي والقصور والأموال الطائلة؟


ليس في موريتانيا اليوم من لا يعرف كيف تباع المواقف وتشترى في سوق الاتحاد من أجل الجمهورية، والنواب الذين غدروا بأحزابهم واتّبعوا هذا الحزب أثمانهم معروفة وصفقات بيعهم تاريخية؛ فمنهم من بيع سلَماً – أيانَ كان موصوفا في الذمة – ومنهم بيع قراضاً ومنهم من بيع عينةً – وهو الأكثر – ومنهم من بيع ناجزا هاء وهاء..!!


لقد سُرق كل شيء تقريبا في هذا البلد، ليس المال فقط بل سرقت القيم أيضا.. قتلت في الشباب الهمة والطموح والنقاء، وأصبح لنظام الفساد والإفساد سند من الشباب في شكل أحزاب بائسة يائسة يتقاتل قادتها على التمويلات ويرفعون في سبيل “البقشيش” شعار: “في ذلك فليتنافس المتنافسون”.


وللمثقفين الجائعين أيضا “أحزاب” من قرآن مسيلمة يتلون آياتها آناء الليل وأطراف النهار تملقا وتسلقا، وإن لهم في ذلك لوجوها لا تصدأ وألسنة لا تهدأ وعلما لا ينفع وبطونا لا تشبع وقلوبا لا تخشع وجلودا كلما نضجت بدلوا أنفسهم جلودا غيرها.


هؤلاء قوم فرقهم التخصص ووحدتهم المهنة.. اتحدوا على الشعب فزادوه رهقاً، وما هو باتحاد من أجل الجمهورية كما زعموا.. إنه اتحاد المصفقة بالخاطئة، وإن يدا تصفق للسارق لأحق بالقطع من يده، وأجـدِرْ بذلك القطع أن يكون من أصل المنكب.



نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


الأخبار.




Filed under: موريتانيا, مرصد حقوق, أقلام التغيير Tagged: موريتانيا, مرصد حقوق, أقلام التغيير

No comments:

Post a Comment