Monday 30 July 2012

‫#موريتانيا‬‏ قراءة لتجديد ابروتوكل الصيد مع الإتحاد الأوروبي





تم نهاية الأسبوع الماضي التوقيع علي اتفاق الصيد مع الإتحاد الأوروبي علي قواعد جديدة تأخذ في الحسبان الرأي العلمي المتعلق بتقييم حالة الثروة ، وتصحح في الأساس بعض المفاهيم “الشراكة ” التي استغلنا بها اإتحاد الأوروبي طيلة 25 سنة . قرابة 550 ألف طن تستنزف سنويا من الصيد ,و400 سفينة تـُـفرغ الفضلات في البحر وتُــقِـل النسبة الأقل من العمال الموريتانيين على ظهرها دون منحهم أي حظ لنقل الخبرة الأروبية وعن إصرار، مقابل 96 مليون أورو سنويا، كل ذلك تحت مفهوم أو شعار” الشراكة” .


شريكنا “الممتاز” عبر المنتجين , وصحافته يسوغ عكس ذلك , بأنه ولأسباب ما , قد قبل بالدخول مع موريتانيا في اتفاق لا يوفر المزايا الكبيرة , ولذلك يطلب المزيد . حتي وإن ظل في الواقع يمثل الطرف الأقوي في المعادلة والذي يملي شروطه بإرتياح ويستنزف تراثا وطنيا, و ثروة تعود للأجيال القادمة , مستقلا جميع شرور الصناعة الحديثة.


الدول الأوروبية التي كانت تشهد إنتعاشا إقتصاديا ، تتكاتف لتوسيعه علي حساب موريتانيا التي تعجز ميزانيتها عن تسوية الإختلالات ، فضلا عن الإنشاءات والإعمار , لم يكن ذلك يكفي بأي حال لسد شهية الإتحاد الأوروبي , بل ظل الإتحاج الأوروبي وطيلة جولات تجديد الإتفاق يستعمل العصي والجزرة،ورشوة المسؤولين المباشرين أكثر من ذلك لحمل النظام الفارغ من كل مقومات الوطنية, علي قبول شروطه . إنهم يعرفون لأي حد كان الإتفاق لصالحهم , بل يعرفون كم كانت تلك الإتفاقات مجحفة , وكم كانت آثارها سيئة للغاية, وكيف كانو يحصلون عليها .


لقد كان الوضع طيبا قبل هذا الإتفاق , أو قل كم كانت فرص تنميته متاحة وممكنة , لكن الأرقام تتحدث عكس ذلك عن درجة ذبول تثير الكراهية وتحبط الآمال في أي “شراكة ” مع الأقوياء .لقد هبطتالصادرات الموريتانية من الكميات المصطادة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لموريتانيامن 59% عام 1996 إلي نسبة 16% سنة 2003 بسبب إتفاقية الصيد . إن نسبة 10% فقط مما يتم تفريغه هي التي تخضع للتحويل مع إرتفاع الكميات المصطادة من 480 ألف طن 1996 إلي 700ألف طن سنة 2005تعود 80 ألف منها للصيد التقليدي . المصانع التي كانت معتمدة ;بفضل العمليات في البحر تقلصت إلي 65% . ونصفها تخضع إعتماداته للتعليق مؤقتا بعدما سحبت إعتمادات 5% منها نهائيا. المصانع المتبقية تعمل بأقل من طاقتها البالغة 700 طن يوميا إلي حدود 30% . إنها مؤشرات واضحة لتدني مساهمة القطاع في إستيعاب عمالة كبيرة ـ تئن بها المدينة و تخلق عبئا إجتماعيا ثقيلا علي المحتمع ـ وتدني نصيبه في ميزانية الدولة من 18% سنة 1996 إلى أقل من 5% سنة 2003 . لقد ألغت تلك الوضعية بظلالها علي ميزان المدفوعات بالطبع وعلي والصادرات أيضا بالنسبة لشركة تسويق المنتجات البحرية , فقد شهدت الصادرات هبوطا من 65% سنة 1997 إلي 40 % سنة 2003 أي من 286000 ألف طن 1996سنة إلي 100000 ألف طن سنة 2003 مع زيادة ضغط مضطرد علي صيد الأعماق وبصفة خاصة بالنسبة لرأسيات الأرجل حيث زاد الضغط سنة 1998 إلى نسبة 25 % و35 % سنة2005 .


الإتحاد الأوروبي عند مراجعة الإتفاق 2006 لم يقدم مايفيد التراجع أو يظهر التأسف وتصحيح الخطأ مساهمة مع الموريتانيين في جهود الإصلاح التي قامت بها سلطات المرحلة الإنتقالية إذ ذاك ـ بعدما تجلت للعيان درجة الفساد القصوي التي كانت تسود كل القطاعات بما فيها الصيد ـ حتي بعد إعترفه بأن مجهوده علي الصيد كانت أكبر من الطاقة الواقعية للثروة الوطنية , بل علي العكس من ذلك ظل يرفض إتفاقا يحترم الشروط الضرورية للحفاظ علي الثروة , في ضوء شراكة تجارية تقوم علي تكافؤ المصالح وتثمن الدراسات التي أقيمت علي القطاع وتحترم المساطر القانونية وتدعم الجهود الوطنية الرامية لوضع أسس لصيد مسؤول ومستديم. لقد إقترح شريكنا الممتاز,زيادة قد تقارب 20 مليون أورو سنويا قريبة من الزيادة التي شهدها الإتفاق الماضي مقارنة بسابقه ,أهي صدفة مبرمجة علي هذا النحو, حتي وإن كانت هذه الزيادة لاتناسب حجم المقبوضات , ولا حجم الضغط , ولا حجم الخسارة , فإنها جاءت بما يشبه صفقة الصياد مع السنجاب ” أسلخ لك جلدك وأملأه لك ذهبا ” فالأوروبيون أيضا يريدون إقتطاع جزء من الأموال العائدة للإتفاق تحت “اسم هبة ” لتصرف في بعض التمويلات المتعلقة بإستراتيجية الصيد لكن بموافقتهم المسبقة أيضا . لقد أرسي إتفاق 2006 علي تحسينات مهمة علي سبيل الميثال تقليص حجم المقبوضات من صيد الأعماق وزيادة الغلاف المالي ب 20 مليون يورو ، وتفريغ بعض السفن في المياه الموريتانية وتوسيع صلاحيات هيئة الرقابة وغيرها .


مشتري لا يمل من المراوغات


حتي بعد كل هذه التطورات التي حدثت والتغيرات التي حصلت علي مستوي الطواقم الفنية والإدارية في الفريق الأوروبي المفاوض مع موريتانيا ، وبعد صدور القانون الأوروبي 2011 الذي يمنع علي الأوروبيين شراء كميات أكثر من الفائض عن الحاجة بالنسبة للدول الإفريقية ،وبعد جهود المنظمات غير الحكومية الأوروبية التي تتنتقد طريقة وحجم الصيد الأوروبي الذي يؤثر علي الأحياء والبيئة البحرية من جهة ،ومع ما حصل في موريتانيا من جهة ثانية ،من تبدل في الإرادة السياسية حيال هذا الموضوع ومن تغيير في استراتجية تنمية قطاع الصيد ،ودخول فاعلين جدد ، وحدوث انفجار هائل في المعادن من حيث التنقيب والإستخراج الذي قد يعول عليه في تخطي عقبة النقص المكتسب في الغلاف المالي الذي يمنحه اتفاق الصيد ، وتعيين مفاوض بكامل الصلاحية مع ما يعرفه عنه الأوروبيين من صرامة من خلال عمله كمندوب للرقابة البحرية , كل هذه العوامل لم تمنع المفاوض الأوروبي جريا علي مألوف عادته من أن يراوغ طيلة 15 شهرا للحفاظ علي نفس القواعد .صحيح أن المفاوض الموريتاني حمل هذه المرة مطالب متطرفة :

ـ إقصاء الرأس قدميات من الإتفاق وهي مادة تجارية مهمة للطرفين الموريتاني والأوروبي ويحصل الأوروبي من خلالها علي مزايا أفضل للبيع من منافسه الموريتاني ، حيث تتمتع القوارب الأوروبية بالدعم من لدن الإتحاد الأوروبي ، الامر الذي لا يتوفر للطرف الموريتاني ,مما يجعله في وضع أضعف حيال المنافسة علي البيع خاصة أن الزبون مشترك . لقد انطلق المفاوض الموريتاني من مبدأ تقليص الضغط علي هذه المادة التي تعد تراثا وطنيا بدأ يواجه خطر التناقص ،والإبقاء علي هذه المادة “كمنتج وطني”


ـ تغيير مناطق الصيد من 13 عقدة بحرية إلي 20 عقدة بالنسبة لصيد السطح أما بالنسبة للجمبري فقد أزيح من العقدة 6 إلي العقدة 8 قبل رأس تيمريس وأبعد من ذلك بعد رأس تيمرس ، كما منعت البواخر من صيد الخطأ بالنسبة للأخطبوط إلي حد صفر في المئة بدل 14 في المئة.


ـ رفع نسبة العمالة الموريتانية إلي 60% بدل 35.


ـ إقتطاع 2%من كمية المقبوضات من صيد السطح لصالح المسمكيات التي تبيع كلغ السمك ب 50 أوقية .


ـ ربط منشآت الرقابة الموريتانية بالأقمار الصناعية مباشرة .


لقد كانت هذه نقاط جزء من توصيات لجنة تقييم الثروة التي شكلت بأسابيع قبل الدخول في مفاوضات مع الإتحاد الأوروبي وكانت رهان حقيقي بالنسبة للدولة يجب كسبه من أجل الحفاظ علي توازن القطاع .وقد تم الوصول إليها بفضل السيطرة الكاملة علي المفاوضات وتمسك الطرف الموريتاني بموقعه الصحيح ضمن المفاوضات كطرف قوي صاحب الثروة ويتمتع بالصلاحيات اللازمة ، مع ما يعتري طبعه من صرامة مشهود له بها , لقد تطلب الأمر درجة عالية من المناورات ومقارعة الحجة بالحجة والوقوف عند المصالح والتحلل من كل الضغوط .لقد اتسمت هذه المفاوضات بأن لم يسمح بتسرب المفاوض الأوروبي إلي رئيس الدولة أو إلي الوزير الأول للضغط علي المفاوض ، كما ظلت الوزارة كتلة واحدة في وجه المفاوض الأوروبي.إنه وخارجا عن أي مشاعر سياسية يعد نجاحا مهما في إعادة بناء استراتيجية جديدة تحفظ للموريتانيين مصالحهم إزاء التعامل مع شريك رئيسي في القطاع ظل ينهب خيرات البلد طيلة عقدين ونيف .


وفي الأخير وبفضل تلك الجهود تم إرساء الإتفاق علي شراء الإتحاد الأوروبي لكمية إجمالية من الأسماك الموريتانية بواسطة الصيد محددة ب329000 طن علي مدي سنتين بمبلغ قدره 110 مليون يورو موزعة حسب بنود الإتفاق.أي في المحصلة غلاف مالي أكبر، وزيادة العمالة بنسبة 25% لتصبح 60% و إقصاء صيد الرأس قدميات أو الرخويات ,وغيرها من المزايا ,لقد إعترف السيد دبي استيفان أمام الوزير انهم واجهوا مفاوضات شاقة في إشارة إلي الشيخ ولد أحمد رئيس المفاوضين الموريتانيين ،وبأنهم مرتاحين علي العموم, لكنه لم يذكرأنهم كانوا يريدون أن تكون مدة الإتفاق ثلاث سنوات ـ إمعانا في الهروب من الجلوس علي طاولة المفاوضات في امد قصيرلأجل مراجعته لصالح موريتانيا والحفاظ علي ثروتها . لكن الدولة فيما يبدوا قالت كفي.



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment