Friday 27 July 2012

‫#موريتانيا‬‏ “هابا” والانقلاب العاثر





كان بعض الحلماء البسطاء يتوقعون أن يخلو عمل لجنة الدعم تحت رعاية الهابا من السياسة، لكن هذا بعيد المنال ، وعندما طلع الصبح على ما أبرم بليل دامس، اتضح أن التصفية كانت ملوثة جدا برائحة و طعم التمييز، ضد كثير من الزملاء الصحفيين لأسباب متعددة ، وظهر على لائحة الإقصاء والإبعاد غير المبرر إطلاقا ، السجينين السابقين ، الأكثر معاناة في الحقل الإعلامي الوطني ، الفقير إلى ربه كاتب هذه السطور والزميل حنفي ولد ادهاه .


ويبدو أن الهدف الجوهري مما حصل، كان محاولة شق الصف الصحفي ، ولو بمستوى دون الحد الأعلى المطلوب ، على نهج ما لم يتيسر كله أحرز جله .


لتبدو الساحة الإعلامية وكأنها موالية في أغلبها ، خائبة في جانب منها، متحسرة على فوات الدعم والاعتراف الضمني ، من ” قبل المخزن ” والنظام الاستبدادي القائم .


وفي المقابل لم يتمكن وزير الإعلام وجهاز الهابا من إحراز هذا المقصد الانقلابي المبيت ، لقد غاب فعلا أي تنويه معلن ، بما تم من إقصاء 46 ملف،وعلى رأسهم قادة الرفض، الذين أمضوا أشهرا من السجن المشدد، ومازالت تتبعها – بالنسبة لي – غرامة قائمة ، تعني استمرار فتح الملف رغم العفو الرئاسي الهش. ورغم أن البعض بادر لتبشير عزيز وبوعماتو بملخص ما حصل من تضييق وحصار متعمد ، إلا أن أي إشادة لم تبرز بصورة ذات بال ،إذ تبين أن الاستهداف كان حاضرا في عمل اللجنة ، ولاتهم إن كانت ممثلية الصحافة من الزملاء باركت أو أجبرت معنويا على التوقيع لأسباب لا تخفي ، أقلها ضعف التمثيل عدديا ، وعدم القدرة على ترجيح الكفة .


لقد كان الهدف الأساسي من هذا الإجراء الداعم ظاهريا المخرب حقيقة هو شق الصف الصحفي، ورمي لغم ( الدعم المفخخ ) في مسرح إعلامي ناشئ ،فقير ماديا وممزق أصلا للأسف البالغ ، تحت ضغط المآرب والمشارب والانتماءات الأيدلوجية والجهوية والسياسية المتنوعة .


إلا أن الإعلان لم يؤت أكله بوجه فعال سريع ، ولا يتوقع له ذلك إطلاقا ، لأنه بنى على باطل من الاستهداف وتصفية الحسابات واستمرار الحصار ، والزملاء جميعا داخل اللجنة وخارجها يدركون هذا بسهولة ، وسيفشل كما فشل من قبل حصار البرءاء ، من أقارب محمد صلى الله عليه وسلم في شعب بني هاشم بمكة .


لقد بادرت عدة وسائل إعلام مشهورة ومشكورة ، إلى نشر البيان الاحتجاجي ، الذي تقدمت به فور ظهور اللائحة المبعثرة ، التي أصدرتها هابا من خلال ما سمي بلجنة الدعم .


ومازالت الساحة واجمة بعدما قرأت على نطاق واسع أيضا دفاع حنفي عن ملفه المتكامل، وأقول اختصار لقد قالت الهابا ( من خلال لجنتها المتناقضة التركيب ) أن موقع تقدمي غير موجود على وجه مرضي عندها ، وكذلك جريدة الأقصى،فلما ذا يا ترى قبل سنوات – ومازال الأمر على حاله – حصلت كل تلك المواجهات ضد الأقصى وتقدمي .


هل كان النظام من خلال مفوضيه ووكلائه بوعماتو وصار يواجه الفراغ؟!. أين ذهبت الأعداد 784 التي أصدرتها ضمن معركة الأقصى الإعلامية المثيرة للجدل ، بعض النظر عن التقييم الموضوعي في اللحظة المناسبة لذلك ؟ ونشريات تقدمي الهائلة التي هزت النظام الفاسد العسكري الفئوي، ومازالت على نفس المنحى من الأهمية والتأثير ، هل ذهبت هباء منبثا ؟؟!


لقد كنت بنفس المقر، ومازلت وإلى اليوم ، منذ أكتوبر 2004، بل ولقد كنت منذ الثمانينيات ، أياما خلت من سنة 1983 ،على صلة وثيقة بالإعلام الإسلامي ، وحصلت على الترخيص منذ مايو سنة 2000، وكان حنفي منذ نعومة أظافره ثوريا يساريا وإلى اليوم ، ما الذي تغير سوى الشكليات ، من حيث الزمان والمكان ونوع العنوان والواجهة .


الترخيص موجود والمقر ، والصدور الورقي موجود ، والظهور الالكتروني بالنسبة للزميل أبهر العالم أجمع، فما وجه الحجة في القول، هذه كيانات إعلامية غير مقنعة أو غير فعالة ؟؟.


إنه محض التمييز والإقصاء للرأي الآخر بامتياز، ومع هذا الظلم الفاضح لن ينجح هذا المشروع التصفوي الانقلابي ، الذي سعت من خلاله الهابا ولجنتها إلى تدجين وتقسيم الجسم الإعلامي المستقل .


وما ضاع حق وراءه مطالب ،إنني أدعو النقابات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، لوعي هذا التلاعب والعمل على منعه ،فرفع شعار دعم الصحافة في هذا التوقيت بالذات غير بريء ، فالنظام يحاول عبر الترغيب الخادع تحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه عبر الترهيب والقسوة .


ولتتذكروا ما أقول لكم، ستتحول العملية إلى صراع و تنابز بالألقاب في وقت لاحق قريب ، لأن مسيرة الهابا الانقلابية ستتعثر مع أول فرصة اختبار حقيقي ، رغم أن أغلب الكعكة – إن وجدت- ستصرف بحجة دعم النشر لصالح المطبعة ( وهي مطبعة في قبضة النظام ) أو بحجة بناء دار للصحافة ، أو ما سوى ذلك من مبررات الصرف الغامض ، المستحيل الرقابة والإنجاز على الوجه الأمثل ، في ظل حكم فاسد عاجز، سياسيا وتسييريا!!. يسعدنا جدا أن تدعم الصحافة بعضها أو كلها ، ولكن غياب العدل والإنصاف،و إشابة الاستهداف و الظلم البشع المؤلم ، لن تسمح باستكمال هذا المشوار الانقلابي العاثر المكشوف .


إن من حق المحامين وغيرهم من سندة القضاء، أن يتدخلوا في هذا الموضوع الحساس ،لأنه شابه على نطاق واسع التمييز والإقصاء ، وجدير بالقضاء – الضعيف في هذه الفترة للأسف – التحرك بحزم لمحاولة وقف مشروع إفساد وتدجين الجسم الإعلامي المستقل ، عبر مسلك الترغيب والرشوة والإقصاء ، وتخويف بعض المحرومين البسطاء بالتلويح ، ولو خفية ، بمرحلة مصادرة الرخص ، رغم الوجود الإعلامي الفعال لبعضهم ، لمن أراد ان يبصر أو يدرك الموجود المحسوس .


إنها مؤامرة واسعة بينة ، للتأثير السلبي – غير البريء طبعا – على صاحبة الجلالة ،السلطة الرابعة ، ولا يجوز الصمت على تلك المؤامرة، من طرف البرلمان ولا القضاء ولا المجتمع المدني ، بشتى مكوناته .


إن تدخل الدولة في شان صحفي مستقل ، بهذه الطريقة السيئة الهدامة ، في جو من الحاجة والفاقة ، وضعف مستوى جرأة التعبير المتاح ، قد يسمح بتحويل الكثير من الصحف الطامعة إلى نسخ من جريدة الشعب ،بعدما فشل مشروع جريدة الشعب منذ عدة سنوات ، بعد ظهور عدد من الصحف المستقلة ، وهذا سيمنح النظام المشرف على السقوط ، نفسا هو في أمس الحاجة إليه في الوقت الراهن ، في ظل دعوات الرحيل وجو الربيع العربي ، خصوصا في دول الإقليم المجاور .


فستحرص بعد الجرائد على نشر فعاليات النظام وبث صوره ومواضيعه أكثر مما كان ، طمعا في السلامة من خطر التصفية، الذي بدأت تظهر أولى ملامحه بشكل فاضح ، 46 جريدة وموقع من الملفات المطروحة ، محل إقصاء وإلغاء إلى حين .


إخوتي وزملائي ضمن لائحة الهابا ، احذروا من مصير أكلت يوم أكل الثور الأبيض .


فالمستهدف ليس 46 زميل وزميلة ، ممن تم إقصائهم بدعوى أو بأخرى ، رغم تقدمهم بملفات حظيت بالقبول الابتدائي عند سكرتيرة الهابا (لدى الزميل العربي العارف بشروط الملف المتكامل ) وإنما المستهدف الأول والأخير هو حرية التعبير، وفي المنعطف الوطني الحاضر الاستثنائي بوجه خاص .


كما تم الخلط المتعمد بين الصحف الورقية والمواقع الالكترونية ، عسى أن يتعالى الاحتجاج ، ومن المعروف أن كلفة النشر الورقي متباعدة ، والنشر الالكتروني لم يظهر إلا متأخرا بالنسبة للآخر .


ومن جهة أخرى تم الخلط بين الجرائد الملموسة والجرائد المحظوظة بتسامح زائد ، لغرض في نفس يعقوب ، كما تم المزج بين المواقع الحية القديمة نسبيا والمواقع البكر.


لن تمر المؤامرة بسهولة ، ولن تصرف الأموال على وجه راجح ، وإن صرفت فستكون قليلة ورمزية ، وهو إخراج لا يقصد منه بالدرجة الأولى ، سوى التغطية على مشروع إعلامي انقلابي تقسيمي مفرق ، تقوده الهابا ولجنتها غير الموفقة .


وليعلم شركاء اللعبة أنهم جميعا تضرروا بشكل بالغ ، فالزملاء لم يحسنوا النيابة والتمثيل ، وشاركوا بجدارة في الصمت والتمرير الظالم التاريخي المر ، وكان أ ولى بهم الاستقالة ، خصوصا أن بعضهم سياسي يتاجر بالشعارات الفارغة ، حسب ما أظهرته التجربة الميدانية ، التي لا يمكن تكذيب وقائعها الحاضرة ، التي خرجت عن نطاق السيطرة ، لأنها أصبحت واقعا ،محل نظر وتمحيص وجدل واسع . وما ضاع حق وراءه مطالب ، والأيام دول .


“وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” زملائي في اللجنة كان بعضكم يوما لا يسكت على الضيم ، كتب وزمجر عندما طردت من وفد إزويرات مايو سنة 2006، أيام مضت .


وأقول لكم بصراحة ، سكتم أيام كنا في السجن ، وأعنى أعضاء اللجنة من الزملاء ، وحصل ما تم وقرح البدن ،ولم تنبسوا ببنت شفة ، ألا تستحون؟؟؟!!!.


واليوم تشاركون في مشروع صلاة الجنازة على إرادتنا في المشاركة الإعلامية المقدسة ، وتباركون وتوقعون . ما الفرق بينكم وعزيز وبوعماتو وصار ابراهيما ،أعداء حرية التعبير ، إنكم ببساطة شركاء .


يا للعار ضاعت المروءات والحياء ومجرد الشعور والإحساس .


وعلى الزمالة الصحفية السلام ، إن لم تبادروا إلى الاستقالة الفورية ، والمحاولة الجريئة الملموسة لوقف هذا الطوفان إتسونامى من الظلم والاهانة المقصودة المتعمدة الجارحة، في عمق النفس والوجدان. ومادامت الهابا تعين ويعين رئيسها ، كأي موظف في الدولة ، فلا فرق بينها وبين أي إدارة حكومية،تسرب لها المحاذير والمرغوبات ، من قبل ” القيادة الوطنية ” بطريقة أو بأخرى.


والحمد لله على السلامة من الإسعاف في زمن الجفاف ،وإنا على درب الكلمة الحرة المغردة لسائرون دوما بحفظ الله،إن شاء الله .


ولنفترض أن ما جرى بغرض رفع مستوى المهنية والمؤسسية،فهل خلا من تسييس وإقصاء واسع ؟؟!. ومن الملاحظات الملخصة الملفتة للانتباه في لائحة الهابا على سبيل المثال لا الحصر ، وجود أحد المواقع ،ولم يظهر صاحبه قط ،يوما واحدا،أمام الكاميرا ،ليطرح سؤالا واحدا باسم موقعه الالكتروني الخاص ، ضمن مؤتمر صحفي مثلا!.


ولا يوجد له مقر معروف ،ولم يصرف أوقية واحدة على صحفي أو متعاون !.


فهل يستحق مثل هذا وأشباهه ،ويمنع أبناء المهنة الحقيقيين ،ممن ضحى وضنا ، ولم يبقي له فلس واحد إلا وذهب ، عند مطبعة أو صحفيين متعاونين ،أو إيجار مرهق ،أو كلفة محاماة في قضايا مرفوعة أمام القضاء ، ثم يقطف الغرباء في المقابل نتيجة عرق المنافحين عن حياض هذه المهنة ، وهي الأكثر عرضة للتآمر والتلاعب ، في هذا الوطن المثير للشفقة والاستغراب .


أمثلة متكررة ومتشابهة تستحق التوقف ، حيث كانت الروابط الأسرية حاضرة في حالة بعض المواقع والصحف . ومن الطريف أن احدهم قبل الإحصاء مباشرة ،تردد سائلا عن إعارة مقر إلى حين انتهاء لعبة الإحصاء الشكلي ، وقد حظي بحل أرضى فرقة الإحصاء المتنقلة العابرة .


ومما لوحظ في هذه التصفية التعدد الوظيفي الواسع ،ضمن أسماء مدراء النشر ورؤساء التحرير ،أستاذ صحفي، معلم صحفي ، صحفي موظف في وزارة الداخلية أو غيرها !.


وعلى وجه العموم أخاف أن تظهر” روهينغا ” عندنا ، في بورما إفريقيا ، صحافة يعانون من التمييز والإبعاد ،بسبب الرأي والشجاعة والتجرد .


وعموما قد تحايلوا وتساهلوا مع التحايل ،وقد اقتضت الصفقات ،أن يتوافق جميع أعضاء اللجنة على قدر واسع من الإقصاء ،عسى أن يقبل “المخزن” بعض المبعدين ، ولو مؤقتا ،قصد تمرير الخطة ودخولها في حيز التنفيذ ،مهما كانت مخجلة أو ظالمة .


فالمهم في حساب البعض الغنيمة والمصلحة، ولو كانت تافهة ملوثة.


لان المبادئ عند السواد الأعظم ليست سوى مطية ،للوصول إلى الأهداف المرسومة تحت الطاولة .


عبد الفتاح ولد اعبيدن


المدير الناشر ورئيس تحرير يومية الأقصى



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment