منذ ما يناهز ربع قرن ونيف عرفت موريتانيا ظاهرة الاحياء العشوائية او مايعرف محليا بمسمى الكزرة,وان تسائل البعض عن حقيقة هذه الظاهرة لايخفي عليهم ابدا بأنها لعنة الإهمال وملجئ الفقراءواحتقار الأغنياء وبعبارة اخرى احرى بالتعريف والتسمية هي مقبرة الأحياء, مع كثرة القمامة المترامية في كل ناحية من النواحي وتواجد النفايات الضارة بالصحة على حافة الطرق وعبر الممرات يوجد الكثير من الناس ممن اعتاد سكن اكواخها حيث لم يجد من دونها ملاذا ومن الناس ايضا من يرى الكزرة ويعترها منفى لايطاق ومأوى يصعب التعايش معه , هذا ورغم العمر الطويل للكزة وانتظار اهلها الذي لايكاد ينتهي
وبالرغم ايضا من تعاقب الحكومات عليها ظل ملف الكزرة منذ حقبة الثمانينات ملفا عالقا قيد التخلي والتهميش المتعمد والمقصود حتى وان بات تزايد اعدادها فوق المألوف, فلا شك انه وخلال الثلاث عقود الماضية شهدت الاحياء الهامشية تزايدا غير اعتيادي فاق %50 مماجعلها تحتل جل مساحة العاصمة فأغلب مقاطعات انواكشوط تعاني من هذه الظاهرة ,وان دل هذا التزايد المفرط واللامتناهي لعدد الكزرات على شيئ إنما يدل على مدى الإهمال والتغاضي الذي لاقته هذه الاحياء وساكنتها من طرف الجهات المعنية والمسؤولة فكل إنما يغني على ليلاه كما يقال اي الغالبية من المجتمع لاتحرص إلا على الحالة التي تلحقها بركب الاثرياء حساب الآخرين تحت ظل السرقة والتزوير والتلاعب بالمصالح العامة من ان تحظى بشرف بناء الوطن وقد ظل هذا الأمر سائرا على هذا المنوال الى ان طرأت لفتة لم تكن في الحسبان لفتة احيت الأمل من جديد واعادت البسمة الى وجهة المواطن الضعيف العابس الا وهي لفتة محمد ولد عبد العزيز الذي سمي برئيس الفقراء الى وضع وحالة الكزرة المزرية وكذا حال قاطنتها من الشريحة الضعيفة, ولا ريب ان هذه الخطوة اي المبارة بإعادة تأهيل هذه الأحياء المتهالكة مسألة تعد في غاية الأهمية لما لها من ردة فعل اجابية على مختلف الاصعدة والمجالات فلا شك ان لها دور فعال على المستوى العمراني حيث ستشيد المباني الكبيرة والفنادق التي ستزين من واجهة المنطقة كما ستنشأ تنافسا استثماريا في المجال العقاري كما ان لها دور ايجابي وانساني حيث ستسهل من انشاء الخدمات الصحية الضرورية للمواطن كالصرف الصحي وكذا الحصول بطريقة سهلة وشرعية على مواد الكهرباء والماء ……..الخ
كلها مسائل ظل المواطن البسيط يفتقر اليها سنين عديدة ويتمنى عند مجيئ كل حكومة جديدة ان تكون له العون والسند في تحقيقها ليتجاوز المحنة التي عانى منها ردحا طويلا من الزمن ولم يجد من يهتم لمعاناته الشاقة فقد كانت قضيته مجرد ورقة سياسية بيد معارض كذاب او موال مخادع يطمح للوصول الى السلطة على حساب مشاكله والتعهد بحلها, واخيرا وبعد ان رأى المواطن اليوم الإرادة الجادة للتصحيح المتمثلة في شعار التغيير البناء ومحاربة الفساد بدأ يحلم ولايخشى على حلمة من التلاشي والضياع كما كان معهودا من قبل وبات يتأمل بعد ان كاد يفقد الامل الأخير في ان تختفي هذه الظاهرة المتفشية, هكذا فقد شرعت الدولة جادة في إعادة تأهيل وهيكلة هذه المناطق العشوائية حتى تتلاءم مع متطلبات العيش الإنساني, وعلى الرغم من بدأ تنفيذ هذه العملية وماله من اهمية بالغة في الوقت الحالي إلا ان البعض يرى ان تنفيذها قد شابته بعض النواقص وتنحصر هذه النواقص اوتتجلى فيما يلي سوء سير العملية اي البطئ الشديد في التنفيذ خاصة قضية المداخلات التي مثل انتظارها عبئ آخر على المواظنين ثانيا وجود بعض التظلمات ثالثا عدم الدقة شيئ ما حيث ان العديد ممن رحلوا يشتكون من عدم تهيئة الظروف الملائمة للعيش السليم كالماء والكهرباء والنقل وعدم توفر مرافق عمومية من مدارس ومستشفيات …الخ وهذا شيئ مؤسف حقيقة, الا انه واجمالا يجب على الدولة ان لاتخطو خطوة اوتقوم بمبادرة الا وكانت واعية بتبعاتها وتدري ماسينتج عنها من اضرار لكي تقوم بمعالجة تلك الأخطاء بصورة دقيقة وسريعة.
وفي الأخير فإن السؤال المطروح الآن هو هل ان ظهور هذه العملية في وقت كهذا عائد الى صرخات المواطنين المتتالية وآلامهم ام ان هناك مرام اخرى لم يكشف عنها بعد, هو سؤال يدور في ذهن مواطن ادهشه وقع هذه العملية وهذا التغيير المفاجئ في بنية السياسة وادائها التنفيذي في موريتانيا وانعكاس صداها الواسع بالإيجابية على المواطن المهمش, يتساءل فلا يجد جوابا شافيا ولايرى سببا واضحا لذلك سوى طبيعة الواقع الموريتاني المتردي الذي هو بحاجة فعلية الى تغييرات اصلاحية مفاجئة وكذا صيحات اغلبية الشعب المتضررة من هذه الظاهرة والتي لسان حالها يقول ايا كانت الأهذاف اوالمرامي السياسية المتوخاة من وراء ذلك وسواء كان هذا اوذاك حتما يبقى الأهم في الوقت الراهن هو القضاء على هذه الظاهرة التي انهكت كاهل الشعب كما ظلت حملا ثقيلا على الدولة , وعائقا في وجه التنمية الحضرية , وما أرى القضاء عليها نهائيا بالأمر الصعب ولا العظيم فما هي إلا احياء من صفيح
هكذا إذن تجسدت لحظة الحقيقة للمواطن الفقير الضعيف الذي ظل يقطن هذه الاحياء متسائلا متى يغدو الحلم حقيقة وتعيره الدولة اهتمامها ليحس بدوره وان تلتفت اليه كليا لابطرف العين فهنيئا لمن اراد البناء وطي هذه الصفحة المشينة من ذاكرة موريتانيا.
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment