Thursday 8 November 2012

هل نحن أمام نقل هادئ للسلطة؟ | ‫#موريتانيا أخبار


الجمعة 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012










ما تعيشه البلاد منذ الأسبوع الأول لمغادرة الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى باريس بغرض متابعة العلاج إثر إصابته برصاصات قالت الرواية الرسمية إنها أطلقت عن طريق الخطأ، والبلد يعيش حالة من التعتيم على تسييره وصحة رئيسه، في مشهد منقطع النظير.


لم يكن ولد عيد العزيز أول رئيس دولة ينقل للعلاج خارج بلده، غير أن أؤلئك الرؤساء والملوك والأمراء تظل حالاتهم الصحية في متناول الرأي العام ببلدانهم من خلال بيانات وتصريحات رسمية ودورية طيلة فترة العلاج.


وإذا قارنا حالة ولد عبد العزيز بما وقع للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، من باب تعرضهما لحادث أدى بهما الى النقل للعلاج في الخارج، ووضع مسألة فراغ السلطة احتمالا واردا في كلتا الحالتين، فإن الدولة اليمنية ظلت حاضرة في مختلف التفاصيل الدقيقة لمتابعة مرض صالح وحالته الصحية وإطلاع اليمنيين عليها أولا بأول، غير أن الحرص على عدم اهتزاز الصورة الذهنية للمواطن اليمني عن قيادته، مهما اختلف معها وطالب بإسقاط نظامها، منعت المحيطين بالرئيس من تصويره على سرير المرض، فالدولة، بقادتها وهياكلها المختلفة، يجب أن تظل واقفة؛ ولو في المخيلة.


أما في حالة رئيسنا فيبدو أن هناك من المقربين له من فشل في إدارة أزمته الصحية بالشكل الصحيح، حيث ظهر للعلن مرتين تفتقران إلى التوفيق، أولاهما عندما أظهره التلفزيون الرسمي مضجعا على سرير المرض وقد غطي بالكامل، باستثناء الرأس، ليطلق الشارع العنان لشائعات لم تبق من جسمه المغطى شبرا دون أن تنسج قصة حول عمق إصابته.


أما الظهور الثاني فكان بصورة فوتوغرافية وهو واقف بجانب وزير الدفاع الفرنسي في مستشفى بيرسي العسكري بضواحي باريس، وفي الصورة، التي أريد منها تطمين الرأي العام على صحة الرئيس، من الإرهاق وإعياء المرض البادي على وجه الرجل ما وجد فيه البعض أداة إقناع بأن احتمال عودته لمزاولة مهامه الدستورية بات أمرا مستحيلا.


أما الخرجة الثالثة، والتي اختفت فيها الصورة المتحركة والجامدة، فكانت رسالة بمناسبة العيد، لم تقنع أحدا ولم تزد موضوع تقدم صحة الرئيس إلا غموضا.


كل ذلك جعل بعض المراقبين يرى في الموضوع، بدءا بغموض حقيقة الرصاصة واهدافها ومطلقها، ومرورا بالتكتم على صحته، وانتهاء بسيناريو الخرجات الناطقة والمصورة والمكتوبة، يرى فيه محاولة لتجاوز مرحلة حكم ولد عبد العزيز، خاصة أنه ترك لمصيره دونما حضور للدولة التي يرأسها، فلا مدير ديوان أو مدير تشريفات أو مستشارين، ولا حتى أحد أفراد الحكومة، يتواجد بجانبه وهو في رحلته العلاجية، وترك الأمر بيد شخص لا يحمل أية صبغة قانونية باعتبار أنه لم يقدم حتى الآن أوراق اعتماده سفيرا لموريتانيا في باريس، فقط لأنه يرتبط بعلاقات اجتماعية مع السيدة الأولى.


وباستثناء الساعات القليلة التي أعقبت تعرض الرئيس للطلق الناري، لم يعقد أي مسؤول حكومي مؤتمرا صحفيا أو يدل بتصريح في وسائل الإعلام العمومية، عن حالة الرئيس لطمأنة رأي عام متعطش لمعرفة الحقيقة، وللرد على المطالبين بإعلان شغور المنصب الرئاسي، بل إن الحزب الحاكم، هو الآخر، تخلى عن رئيسه وترك الأمر لمبادرات كثيرا ما يرعاها أقارب الرئيس لا تعدو أن تكون مسيرة بالسيارات أو تنظيم اجتماعات ليلية محدودة الحضور للتعبئة لاستقبال ولد عبد العزيز دون أن يتم تحديد موعد العودة، بعد أن أخلفت مواعيد سابقة. ما يعزز فرضية نقل السلطة بشكل هادئ، كما يصورها البعض، هو ما تشهده الساحة السياسية من نقاشات جانبية بين السياسيين وإن بشكل خجول


ومما يعزز فرضية مساعي نقل السلطة بعض المعلومات التي تحصلت عليها السفير من مصادر مطلعة بعودة زوج الرئيس إلى نواكشوط لمدة يوم واحد قبل أن تعود الى فرنسا، مما قد يدل على أنها اصطحبت بعض حاجياتها الخاصة قبل دخول سيدة أولى جديدة للقصر الرمادي، كما أن تبعية كتيبة الحرس الرئاسي لقائد الأركان الوطنية شخصيا اللواء الركن محمد ولد الغزواني، تنبئ بخروج ولد عبد العزيز من المشهد السياسي والعسكري.


وفي تطور مفاجئ طالبت منسقية أحزاب المعارضة بعقد مشاورات موسعة مع مختلف الطيف السياسي في البلد، وعلى الفور اجتمعت أحزاب المعاهدة، التي حاورت النظام، لدراسة الرد على المنسقية، في حين لا تزال قيادة الحزب الحاكم غارقة في الصمت المتولد عن المعلومات التي تفيد بتدهور صحة الرئيس.


لكن الاستشكال المطروح يبقى: أين فرنسا من كل ما يجري في موريتانيا؟.. وهل تتناسب سرعة ترتيبات انتقال السلطة في نواكشوط طردا مع سرعة إيقاع طبول الحرب في شمال مالي؟


السفير


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment