Friday 30 November 2012

رحلة إنال: يؤخذ بالشغب ما لا يؤخذ بتوقيع الوزير

بعد العودة من رحلة سيري مالي (قرب سليبابي)، في 23 من هذا الشهر بدأت الاستعدادات لرحلة إنال الثانية، حيث عقد مؤتمر صحفي تم من خلاله عرض برنامج وردي للرحلة القادمة وتم من خلاله تحديد وقت ومكان الانطلاق وساعة الوصول وتوقيت الفطور ومهرجان في ملعب بالبصرة (والذي كان مقررا عند العودة)… غيرها من الأمور الفائقة الدقة… لكن منظمي الرحلة لم يخفوا تذمرهم من غياب الفاعلين السياسيين وعدم مشاركتهم في رحلة سيري مالي والتي علمت تقدمي أنه لم يشارك فيها من الأحزاب إلا حزب “اتحاد قوى التقدم” الذي تبرع للرحلة بمبلغ 50 ألف أوقية أو المصطفى ولد اعبيد الرحمن والذي تبرع لها أيضا بمبلغ 200 ألف أوقية.



كان من المقرر أن يحضر الجميع أمام قاعدة للحفلات (لاكاز) بتفرغ زينة الساعة الثانية عشرة وسيكون الانطلاق الساعة الثانية عشرة… لكن يبدو أن المكان الحقيقي لانطلاق المسيرة كان من مقر حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس والذي يرأسه كان حامدو بابا (الموالي). أمام توقيت الانطلاق فقد تأخر كثيرا بسبب بعض المشاكل الفنية المتعلقة بلجنة التنظيم.



وأخيرا وعند تمام الساعة الخامسة مساءا انطلقت القافلة وقد تغيب عنها شخصيات مثيرة كانت قد شاركت فيها في العام الماضي ومنهم:



البروفسير آتوما سومارى ورئيس حركة إيرا بيرام ولد الداه ولد اعبيدي (الموجود في الخارج)، ونائبه إبراهيم ولد بلال ولد اعبيد، والسيناتير يوسف سلا، والمناضلة مريم بنت الشيخ والصحفي عبيد ولد إميجن، و بلا توري والإعلامي أحمد ولد الوديعة و الفنان عبد الرحمن ولد أحمد سالم الملقب أحمد طوطو.. وغيرهم.


عرقلة وشغب ومواصلة الرحلة:



انطلقت رحلة إنال وكانت مؤلفة من 26 سيارة ذات الدفع الرباعي، وعند وصولها إلى أول نقطة تفتيش على مشارف نواكشوط، واجهتها عراقيل الشرطة حيث قام أفرادها بتفتيش الوثائق الشخصية للمشاركين في الرحلة، بعدها سمح أحد أفراد الشرطة لأربع سيارات من القافلة بالذهاب، وهو ما أغضب رفيق له من الشرطة والذي أمر بتوقيف باقي سيارات وبسحب أوراقها في انتظار قدوم المفوض…



مرت الساعات: الخامسة والسادسة ثم السابعة وبدأ الملل والغضب يكتسحان أعضاء القافلة بعد أن قدموا ورقة إخطار بالرحلة كانوا قد قدموها لوزارة الداخلة إلا أن ذلك لم يغير من موقف القائمين على نقطة التفتيش وهو ما أربك القافلة والتي اختلف أعضاؤها بين قرار ضرب الخيام عند نقطة التفتيش، أو إغلاق الطريق وبعد ذلك اتخذ قرار اغلاق طريق نواذيب واشعال الإطارات في البداية تم إنزال بعض الخيام تمهيدا لنصبها إلا أن ذلك لم يغير من قرار الشرطة، لتقوم القافلة بعد ذلك بخطوة التصعيد والتي كانت كفيلة بحل مشكلة القافلة حيث تمت إعادة الأوراق إلى السيارات بسرعة وسمح لها بمواصلة الرحلة…



من أكثر ما كان يعيق الرحلة هي الاجتماعات التي كانت تتخللها بين مجموعة السائقين، حيث ابرم السائقون اتفاقا ضمنيا بعدم إرشاد الرحلة إلى قرية إنال إلا بعد دفع مبلغ 30 ألف أوقية لأحد السائقين وهو ما تم في النهاية.



وصلت الرحلة في ساعة متأخرة من الليل إلى محطة منتصف الطريق بين العاصمة و نواذيب (بوعماتو)، وانقسم الفريق إلى فريقين: فريق نشيط من أعضاء إيرا يتحدث بالحسانية وتكفل بإعداد العشاء في وقت قياسي.



وفريق آخر انقسم بين من تسمر أمام الشاشة لمتابعة مباراة لكرة القدم و بين من فضل سرد بطولاته في عملية غلق وإشعال الإطارات الماضية…



من أكثر ما لفت انتباهي أن القافلة ورغم كثرة المشاركين فيها لم يوجد فيها من هو مستعد لذبح شاة ليقام عليها العشاء وهو ما اضطر لجنة التنظيم إلى استئجار أحد السائقين ليقوم بذبح الشاة.


بعد عرقلة الشرطة على مشارف العاصمة مرت القافلة بأربع نقاط للتفتيش من بينها واحدة للجمارك وواحدة لأمن الطرقات واثنتان تابعتان للدرك الوطني… إلا أن إجراءاتهم كانت طبيعية جدا تمثلت في السؤال عن الوجهة وأحيانا عن بطاقات التعريف لا أكثر.


الوصول إلى إنال:



كان الوصول ضحى يوم عيد الاستقلال 28 نوفمبر حيث استقبلت القافلة عند قدومها من طرف فريق من الدرك الوطني والذي قام أعضاؤه بتسجيل أعضاء القافلة، بل ورفضوا تقيدا فرد دون أن يكون بصحبة كل من كان معه داخل السيارات التي جاء فيها وقد اضطرت فرقة الدرك إلى جلب بعض الصحفيين في سيارة تابعة للدرك الوطني بعد أن طال بهم الانتظار فقاموا بدخول القرية لاستكشافها في انتظار أن يصلهم الدور في التسجيل البطيء جدا…



بعد انتهاء التسجيل تكفل فريق تابع لحركة إيرا بإعداد وجبة الغداء (الأرز واللحم) بينما قام فريق مؤلف من مختلف المشاركين بإعداد مرجل كبير من القهوة و آخر من البيض.


دموع وإغماءات إنال:



بعد وصول القافلة واستراحة أعضائها قام المشاركون بتلاوة بعض من آيات القرآن الكريم بينما قامت لجنة التنظيم بنصب مكبرات الصوت لتفتح المجال بعد ذلك أمام الراغبين في الحديث والترحم على “ضحايا” إنال, وقد كانت كلمة الكاتب والشاهد ممادو سي الأكثر تميزا والذي اعتذر فيها عن خطإه في توجيه المشاركين في القافلة الماضية (إنال 1) إلى المكان الخطأ حيث أنه وبعد عودة إلى الخارج وجلوسه يتأمل الصور تمكن من تحديد “المكان الحقيقي” للمقابر الجماعية للعساكر الزنوج الين تم اعدامهم قرب القاعدة العسكرية بإنال.



كذلك تميزت كلمة ممثلي نقابة طلاب جامعة نواكشوط (SNEM) والذين شاركوا بفريق مشكل من مختلف الأعراق الوطنية والذي حثوا على الترابط والوحدة لتأمين مستقبل موريتانيا.



بعد انتهاء الخطب والترحم سار المشاركون في الرحلة على أقدامهم خلف مؤلف كتاب “جحيم إنال” والعسكري الناجي من تلك الأحداث ممدو سي، حيث وجههم إلى أربع تلال مكسوة بالحجار قال إنها المكان الذي دفن في رفاقه بعد تعذيبهم…



كان تحديد ذلك الموقع المجاور لمكان الثكنة العسكرية كفيل بإطلاق العنان للنحيب والبكاء والإغماءات بل وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك حيث قام بعض الشباب بالدعوة إلى حمل السلاح لأخذ الثأر بدل البكاء… بعدها عاد الجميع لتناول وجبة الغداء والانطلاق إلى العاصمة، وقد وصلت القافلة في ساعات متأخرة من ليلة الاستقلال وهو ما حال دون عقد مهرجان البصرة والذي كان مقررا عند العودة.



مغامرة العودة:



بما أنه لا يوجد من بين المشاركين في الرحلة من يعرف الطريق فقد اضطرت السيارات إلى تتبع أحد السائقين الذي يبدو أنه اختار أن يقودها إلى طريق مليء بالصحاري يمر بمحاذاة سياج شركة تازيازات وهو ما شكل مشكلة حقيقية لبعض السيارات خصوصا سيارة فريق إيرا التي تعطل محركها وهي في قلب الصحراء ورفض السائقون جرها إلى مكان آمن أو على الأقل يمكن لأصحابها العثور عليها فيه، مما اضطرهم إلى تقديم مبلغ مالي لأحد السائقين والذي قام بجرها إلى سياج قرب شركة تازيازت.



معالم ومعاناة سكان إنال:



قرية أو مركز إينال الإداري قرية صغيرة موجودة على سكة الحديد الرابط بين نواذيب وازويرات، يوجد بها أسرتان موريتانيتان والباقي جميعهم من الصحراويين، لها عمدة وحاكم، كانا غائبين لحظة قدومنا إلى القرية، يوجد في القرية مدرسة بها خمسة فصول ومعلمان، وبها مستوصف موصود بالسلاسل والأصفاد ولا يوجد بها طبيب.



من مشاكل تلك القرية الجمة والتي قادت أغلب السكان إلى ترك القرية: تعذر وسائل النقل بسبب رفض القطار التوقف خلال مروره على القرية إلا يومين في الأسبوع فقط (مساء الجمعة ومساء الثلثاء). وعندما يمرض أحد السكان فليس أمامه إلا انتظار أحد تينك اليومين أو استئجار سيارة الإسعاف من انواذيب أو من قرية اتميميشات.



تهميش القرية يتجلى في غياب شركات الاتصال حيث أن الشبكة الوحدة المتوفرة هناك هي شبكة “الجوال” المغربية والتي عليك وضع أرقام المفتاح (00222) ليتسنى لك التواصل مع منهم معك على تراب الجمهورية الإسلامية الموريتانية.


الدده الشيخ ابراهيم.




Filed under: موريتانيا, مرصد حقوق, أخبار Tagged: موريتانيا, مرصد حقوق

No comments:

Post a Comment