Saturday 24 November 2012

عزيز… أنت ومن بعدك الطوفان | #موريتانيا أخبار


من يتابع السباق المسعور للقبائل والأفراد والشخصيات المعروفة والنكرة والأصوات التي بدأت تتفنن في إعادة انتاج وتلحين سيمفونيات “التملق والنفاق السياسي”، يدرك جليا أن لسان حال هؤلاء الحثالة يقول: “يا عزيز… انت ومن بعدك الطوفان”… وقد يكون الطوفان أفضل ليغسل “أرض اليباب” من أمثال هؤلاء: أصنام “الموالاة” وخشب “المعارضة” المسندة و شيوخ القبائل المنتهي الصلاحية…


من المفارقات التي نتعايش معها في مجتمع التناقضات والاستثناءات هي “التصفيق” والتطبيل” و “التزمير” و”عبادة” الشخص الذي يجلس غصبا أو عنوة أو “شبه-ديمقراطيا” على كرسي الرئاسة… تعودنا على أن السبيل الوحيد لنأمن شر الرئيس الديكتاتور العظيم هو إما نكون من “المعارضة” التي ليست ممانعة البتة أو أن نعلن الولاء بوصفنا “موالاة” للقوي أو حتى الولاء بإسم القبيلة أو الطريقة الصوفية أو الأسرة أو لمجرد أننا نعرف من يتسكع على “الصحافة” ليكتب أسطرا على موقع تفيد بأننا نؤيد السيد الرئيس….


عجيب ماحدث خلال الأسابيع الخمس التي ساد فيها السكون وحطت الطيور والعصافير على رؤوس متملقي الأغلبية وتوارو خلف ظلال الشكوك وزوبعة الشائعات التي كانت سيدة الموقف لتفسح المجال لمعارضة انتهزت فرصة غياب الرقيب لترفع عقيرتها وتجمع بعض السذج تارة بإسم الديمقراطية وتارة أخرى لسد الفراغ…


لكن ماقد يغيب عن الكثيرين هو أن “الموالاة” و “المعارضة” صنوان ووجهان لعملة واحدة لاقيمة لها في سوق التنمية والتغيير. لكل منهما طريقته في التقرب من القصر الرمادي والمساومة على البقاء في دائرة السياسة والصراع العبثي طمعا في الحفاظ على مصالح ضيقة…


قد يدعي البعض جدلا ان المعارضة والموالاة قطبان متصارعان ومتنافران كأقطاب المغناطيس، لكن الجواب هو: لماذا لم يقدم أغلب أحزاب المعارضة قيادة شبابية ويضخوا دماءا جديدة في أحزابهم ليبرهنوا على التزامهم بالتغيير والتناوب وهو الشيء الذي لم يحصل ولن يحصل، على الأقل، في المستقبل القريب لأن زعامات المعارضة يريدون التفاوض والعيش على مايقدم من تحت الطاولة والاستمرار في لعبة شد الحبل السيزيفية التي تبين أن العسكر لم يلعبوها في غياب رأس الحية….


عود على بدء:


رجوعا الي ظاهرة التصفيق والسباق المحموم لخطب ود الجنرال الذي لوث كل المواقع دون استثناء والذي يعكس ان العقلية السياسية للموريتانيين لم تتغير ولن تتغير على المدي البعيد..


يشمئز المرء وهو يقرء للبعض من اشباه المثقفين الذين يفكرون بأحشائهم ويبدعون من أجل جيوبهم فقط ولايهمم الرأي العام ولا اي شيء سوى أن يذكر اسم الواحد منهم وصورته، فالصورة مهمة جدا، لأنها احيانا تكون أهم من الخربشات التي يكتبها صاحبها بكل وقاحة وعبثية…


يكتب الواحد منهم فيصور لك البلد وكأنها أصبحت جنة الله على أرضه بشوارع من بلاط رصاصي محفوف بالزمرد و آلاف المشاريع التي امتصت البطالة وفوق كل هذا وذاك “مصحف شنقيط” وكأنه إنجاز في زمن كثرت فيه المصاحف حتى صارت توزع بالمجان على الأرصفة وتحت أشجار “كرافور ب م د”…


هؤلاء الذين يتشدقون ويمجدون مايطلقون عليه “إنجازات الرئيس” هم من يستحق العطف والتعليم ليفهموا أن الماء والكهرباء والشوارع والأرصفة والأمن وفرص العمل ومؤسسات التعليم والعدالة الاجتماعية هي من مسؤوليات وواجبات الحكومة إتجاه الشعب ولاتشكر اي حكومة على انجازها…


يذكرني هذا النوع من المن والامتنان بعهد العقيد “الساذج” السيد معاوية ولد الطايع عندما كان يذكر الشعب في خطاباته في أكجوجت وازويرات بالماء والكهرباء التي متباهيا بمشروع “13 ولاية” الذي فشل حتى قبل أن يغطي انواكشوط.. كان معاوية من رخص هذا النوع من التملق وجذره في العقلية البدوية للموريتايين الحديثي العهد بثقافة “السندل” و “اللمبات” في الكبات والكزرات التي زادت عن سابق عهدها…


لاشك أننا لم ولن نخرج من عنق زجاجة النفاق والمحسوبية والقبلية والتملق لمن يترأس علينا… إنها ثقافة من لاثقافة مدنية له…


كانت صدمتي كبيرة وأنا اقرأ في بعض المواقف ان أهل فلان وأهل علان يهنؤون موريتانيا برجوع السيد الرئيس الفذ الهمام ولد عبد العزيز، هذا النوع من التقرب ومناصرة الرئيس هو إعادة انتاج لسياسية اللاسياسية ويبرهن على التخلف المتجذر في عقول الموريتانيين وشيوخ القبائل…


قرأت فيما قرأت ان “اهل آدرار” يعبرون عن إمتنانهم لرجوع الرئيس سالما غانما وأنهم يؤكدون مساندتهم له، تأكد لدي ان مشاييخ وكهول آدرار لازالو ضالين عن الحق فهم كالكلب “مايروم ماه خيناقو”… مافائدة أن تصدر إعلانا انك تجدد البيعة للرئيس…؟ أم انها ثقافة ولابد ان نساهم فيها، فما نحن إلا من غزية إن غزت غزونا وإن ترشد نرشد… إنه لعار في جبين أهل آدرار أن يستمروا في هذا الغي ويساهموا في إعادة انتاج التخلف السياسي في زمن ولد الطايع، مهندس القبلية ورائد التملق الجهوي….


فكما تكونوا يولى عليكم:


على الرغم من ضعف هذا الحديث والطعن في صحته يظل انعكاسا جليا للشعب الموريتاني “المتملق” بالطبيعة والذي تسود فيه ثقافة الجاهلية والقبلية بكل تفاصيلها قبل الاسلام. يخيل اليك ان الاسلام جاء الي صحرائنا بالخطئ أو انه وصلنا عندما اصبح مجرد رداء سميك من العادات والتقاليد الاجتماعية التي يسمح للجميع أن يتجاوزها لأغراض سياسية وشخصية…


إن مجتمعنا الموريتاني هو تجسيد للمفهوم الميكافلي للسياسية وكأن الكتاب لم يكتب للأمير الايطالي ليحمي بلاطه من الطامعين بل أصبح منهجا في الحياة السياسية للمنكب البرزخي في الصحراء التعيسة…


نحن ضعفاء ومنافقين سياسيا ولا نستحق سوى حكومة عسكرية ظالمة وشيوخ قبيلة يفكرين بعقلية القرون الوسطى الإقطاعية. إننا كموريتانيين لايمكن أن نبني مجتمعا ديمقراطيا ودولة مؤسسات ترتكز على الحريات العامة وحقوق الانسان والمصالحة مع الذات لأننا ببساطة أنانيين في أدق تفاصيل الحياة…


أنا لا ألوم المعارضة ولا الموالاة ولا شيوخ القبيلة لتملقهم وتوددهم وسباقهم المسعور وتفننهم في التذلل للجنرال المنهك لأنهم مجردون اصلا من الانسانية والطموح ولأنهم يفكرون بأمعائهم بدل التفكير بالعقل والمنطق وبناء، ولو مجرد حلم، في شكل وطن…


سيصل الرئيس غدا قادما من فرنسا بجسمه الهزيل وسيسقبله الناس في مطار هزيل ويعقلية سياسية هزيلة وستمارس المعارضة هزالتها السياسية … هزلت حتى بان من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس…



عن طريقالمصدر.




Filed under: موريتانيا, أقلام التغيير Tagged: موريتانيا, أقلام التغيير

No comments:

Post a Comment