يعد نظام الإحصاء الجديد الذي تبنته الحكومة الموريتانية خطوة بناءة للحاق بركب الحضارة العالمي خصوصا في ظل هشاشة النظام المتبع ، وسهولة تزوير الأوراق والمستندات الرسمية ،في بلدنا الحبيب. ولكن الآلية المتبعة لتسجيل وإحصاء المواطنين تفتقر كثيرا إلى الواقعية ، و تتسم بالطابع الارتجالي البعيد عن المهنية ,حيث لا توجد أي دراسة واضحة لمعالجة العوائق والصعاب ؛ التي قد تواجه المواطنين في إثبات هوياتهم , وذلك نتيجة لمجموعة من العوامل منها : البداوة والغياب الكامل للمؤسسات المدنية في حياة المواطن العادي خلال العقود المنصرمة .
ومما لا يدع مجالا لشك أن الإجراءات المتبعة في الإحصاء الجديد ليست متعاونة إطلاقا ولا تصب في مصلحة المواطن , بل إن القائمين عليها يسعون جاهدين لإعاقة المواطن لأتفه الأسباب… متخذين في هذا الصدد مجموعة من المبررات والسلوكيات الهمجية المهينة لكرامة الفرد ومن هنا أطلقت على هذا المقال.
” أزمة الاحصاء” التي لم أشأ أن أكتب عنها لولا ما شاهدته من تنكيل وتجريح وتشويه لصورة شعب كامل في بلد أجنبي, الأمر الذي حرك مشاعري الوطنية والصحفية لنقل صورة واضحة عن ما يدور بين أروقة الإحصاء في اشرف بقعة على الأرض (المدينة المنورة ).
بدأت رحلتي إلي تلك البقعة الشريفة حين ناظرت جواز سفري فلم أجد بدًا من تغييره ولا سبيل إلي ذلك سوي شد الرحال إلي مدينة سيد الأنام متوجها إلي مسجده عليه أفضل الصلاة والسلام، طالبا من المولي تسهيل الأمور وإعانة شعبننا الفقير والتخفيف من دوام الحال وعدم مبادلة الأدوار.
(الطبقة الأرستقراطية ستظل كما هي ، والكادحون هم الكادحون لاشيء جديد يذكر)
اتجهت بعد هذا إلي ذالك البيت، الذي لا يري الناظر إليه ولن يصدق إذا قيل له أن دولتنا هي من اتخذته مقرا (لإحصاء مواطنيها) لاشيء هناك يدعوك لاحترام, ما أنا آسف علي قوله ؛ (حكومتنا) كيف يحترمها وقد اتخذت المقر، الذي يجب أن يمثلها ويكون نبراسا ومصدر فخر واثباتَ وجود لمواطنيها أولا وللحكومة السعودية ثانيا، ما يستحق الاحترام . نعم ؛ لقد اختارت ولكن بأرخص الأثمان ، اختارت ما لا أجد له وصفا في قاموس الضاد، إنه منزل في حي شعبي تحاصره الأبنية القديمة من كل جانب؛ يمر من أمامه شارع صغير ،البيت مطلي بطلاء أبيض للون قد أسقطت منه السنين ما أسقطت. تتواجد فيه أربع غرف زودت بأربع حواسيب لا تكفي ولن تكفي لأولئك المتجمهرين بالخارج. لا يوجد بالمنزل مكان مخصص للجلوس ولا ساحة – حتى- لم يبالوا بظهور أولئك الهرمين من آبائنا وأمهاتنا، بل أبقوهم جالسين وذلك البرد القارس يخيم علي أكتافهم. وبعد مرور سبعة أشهر أي من بداية الإحصاء إلي وقت كتابة هذا المقال ؛ لم يتمكنوا من إحصاء سوي أحد عشر ألفا نظرا لضعف الإمكانيات التي رأيتها بأم عيني أما الطاقم الإحصائي المتواجد هناك، فميزتهم بطء ممزوج بسرعة غضب.
وهذه اقتراحات قدمها لي المشتكين من هذا الظلم الذي يعانون منه .
1- افتتاح أكثر من فرع في المملكة العربية السعودية وذلك بسبب كثرة المواطنين الموريتانيين فيها .
2- أن تكون هذه الفروع موزعة علي الجنسين احتراما للبقعة الشريفة ولثقافة وعادات أهل البلد .
3. زيادة أعداد الطاقم الإحصائي حيث أن 5 أشخاص لا تكفي للمركز الواحد .
4- تزويد الأيدي العاملة بأجهزة متطورة تساعدهم علي أداء واجبهم المهني علي أحسن وجه .
5- أن يكون المكان المخصص للإحصاء لا يدعوا لسخرية من أفراد مواطنينا ودولتهم والتغلب علي هذا يكون في اختيار منزل مناسب يحفظ ماء الوجه بدلا من وقوف نساءنا و رجالاتنا في الشوارع إلى ساعات متأخرة من لليل وهذا كله بسبب عدم توفير ولو ساحة يحتمون فيها من أنظار لآخرين .
6: كما أن الشباب الموريتاني المتواجدين في المملكة العربية السعودية أهل خبرة في مجال الأجهزة الالكترونية وخريجي جامعات عالمية وهم أهل لهذه الأرض فتوليتهم علي هذه الوظيفة حق مشروع .
وللحديث بقية .
بقلم :محنض لولي
المصدر
Filed under: موريتانيا, مرصد حقوق, أقلام التغيير Tagged: موريتانيا, أقلام التغيير

No comments:
Post a Comment