قالت مصادر إعلامية إن منسقية المعارضة أعلنت وقف أنشطتها لمدة ثلاثة أشهر بسبب دخول البلاد أجواء رمضان والعطلة الصيفية وموسم الخريف، وهي عوامل لاتساعد على حشد “المناضلين” في مسيرات الرحيل التي بدأتها منسقية المعارضة قبل 5 اشهر من الآن..
ولا تبدو المبررات التي سيقت لوقف الأنشطة مقنعة بما فيه الكفاية، إذ كيف تكون الراحة مبررا لإغماد السيوف في معركة يفترض فيها أن تكون تجسيدا لمبادئ تستحق أن يضحى من أجلها بالأرواح..
لا شك أن ثمة مبررات أخرى، وإلا فإن ما سيق في وسائل الإعلام- إن ثبت- يحسب على المعارضة لا لها، والواقع أن قادة “الثورة” الجديدة في موريتانيا، قرروا بمحض إرادتهم مراجعة المسار المتعرج الذي يتيهون فيه منذ أن حملوا لواء “رحيل النظام” دون أن تكون لديهم الأهلية لفرض هذا الرحيل..
قبل عدة أشهر توهم هؤلاء أن المسيرات التي شهدتها شوارع نواكشوط ستتضاعف مع مرور الوقت لدرجة تربك القيادة السياسية وتدفعها إلى التعامل بفظاظة مع المشهد، مما يعني تأزيم الوضع أمنيا، لتتدخل جهات أخرى خارجية بأيدي داخلية للمساعدة في فرض الرحيل على الرئيس ولد عبد العزيز..
لكن التوقع كان مخالفا للواقع، والأماني كانت أحلاما وتضليلا، فبعد عدة أشهر تخللتها 3 مسيرات في العاصمة نواكشوط، بدأت المعارضة تفقد الزخم الشعبي، بسبب تدني مستوى الخطاب السياسي، وغياب الطرح البديل، إضافة إلى سوء التنسيق الناجم عن التنافس البيني داخل مكوناتها، واتهام بعضها البعض بمحاولة سرقة المجهود الجماعي واستغلاله إعلاميا لصالحه.
آخر نشاط للمعارضة كان وقفة مثيرة للسخرية نظمها شباب المنسقية الأسبوع الماضي قرب البرلمان، قيل إن حزب “تواصل” قاطعها، بل وعمل على إفشالها، بعد أن تحولت الرئاسة الدورية للشباب إلى حزب اتحاد قوى التقدم، التي وجد نفسه وحيدا أمام تحدي إقناع الشباب بالمشاركة خاصة مع إغلاق المؤسسات التعليمية التي كانت أهم روافد مناشط المعارضة بشكل عام.
يأتي ذلك بعد آخر مسيرة كانت دون المستوى، وباعتراف الرئيس الدوري للمنسقية فإن السبب يعود إلى نهاية العام الدراسي ودخول البلاد فصل الخريف الذي يصادف العطلة السنوية عادة.
مسلسل الانكسارات المتتالية فرض اتخاذ مبادرة جديدة، علها تحافظ على آخر قطرة من ماء وجه المعارضة، وتفتقت الأذهان هذه المرة عن الركون إلى راحة- أشبه ما تكون باستراحة الجبان التي لاينوي إعادة الكرة بعدها- مع أنه لاهدنة في المعارك المصيرية، ولا راحة للجندي قبل رفع العلم على آخر شبر من أرض الوطن.. هكذا يقول المنطق وتقول سير الفاتحين، وتاريخ القادة ..
المعارضة الموريتانية نشاز من مثيلاتها في العالم، فهي أول معارضة تأخذ قسطا من الراحة في ذروة نضالها ضد النظام، وهي أول معارضة تريد كرسي الرئاسة بلا ثمن، وهي أول معارضة تجيد المعارك الكبرى على مستوى الحبال الصوتية فقط، لكنها غير مستعدة لتقديم أي تضحية مهما كان حجمها ضئيلا.. هي باختصار كالقطط التي تحب السمك وتخشى مياه البحر..
كنا نتوهم أن رصاصة الرحمة على نظام ولد عبد العزيز خرجت فعلا من فوهة بندقية المعارضة، لكن الذي حدث أن الرصاصة ارتدت إلى الخلف، وبندقية المنسقية التي أريد لها أن تبشر “بغد مشرق” تطلق نيراها في اتجاه من يضع أصبعه على الزناد.. وتلك أم المعضلات..
سيدي محمد ولد ابه
sidimoha@yahoo.fr
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment