Saturday, 26 May 2012

عنوان المقال: الفتنة إن وقعت تحرق الأخضر واليابس





الحمد لله و به أثق، وبعد لست مولعا بالسياسة ولم أمارسها قط لا خمولا ولا جهلا، ولكني اعتبرتها فرض كفاية يحمله بعض الناس عن بعض، ففضلت الانكفاء على نفسي والاشتغال بتدبير شؤوني الخاصة وتربية أبنائي منذ إحالتي إلى التقاعد وحتى الآن، ولكنني وبدافع من حب هذا الوطن والحرص على مصالحه العامة وهي أمور انغرست في ذاكرتي خلال خدمتي له، واستجابة لوازع الضمير رأيت من واجبي الإدلاء برأي حول ما يدور في ساحتنا السياسية من آراء مختلفة وإيدلوجيات وملاسنات تصل في بعض الأحيان إلى درجة الحدة أو ما يشبه الاصطدام، الشيء الذي لا يتناسب من وجهة نظري مع ما يمليه ديننا الحنيف، من الابتعاد عما يؤدي إلى الفرقة وإشعال نار الفتنة التي إن وقعت لا قدر الله تحرق الأخضر واليابس وتقتل العدو والبريء المسالم، كما قال الشاعر:


ترى الحرب يصطليها أناس ويصلى لهيبها قوم برآء


ومعلوم أن شعبنا معروفا على مر التاريخ بحرصه الشديد على دينه والابتعاد عن كل ما نهى الشرع عنه من المساس بحرمة الأنفس والأعراض والممتلكات، وهي أمور تعتبر من وجهة نظري خطا أحمر لا يجوز لأحد منا أن يعمل ما قد يؤدي إلى المساس بها مهما كانت دوافعه.


وقد تبادر إلى ذهني أن ما يجري الآن في ساحتنا السياسية لا يخرج عن إحدى الحالات التالية:


1- الحصول على الحقوق الفردية التي يكفلها القانون للجميع مثل: حرية الرأي، حرية التعبير، حرية الترشح…. إلخ.


2- الرغبة في التغيير والوصول إلى السلطة، وأعتقد جازما أن الوصول إلى السلطة في عصرنا الحاضر لا ينبغي لأحد مهما كان أن يبحث عنه إلا عن طريق صناديق الاقتراع، ومن حاوله خارجها سيصطدم حتما بالمحرمات التي سبق وأن حذرنا منها واعتبرناها خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه.


3- محاكاة الآخرين وعدوى الثورات العربية، وفي هذا المجال أعتقد أن الثورة ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة إلى هدف ما، وتمليها ظروف ومن وجهة نظري أن ظروفنا ليست مشابهة لظروف الدول التي وقعت فيها الثورات، فهي كانت محكومة من طرف رجال كبار في السن وصلوا إليها بوسائل معروفة وعضوا عليها بالنواجذ عشرات السنين همهم الوحيد البقاء على كراسيهم مضحين بمصالح شعوبهم وحرياتها.


4- إنما يجري في الدول التي وقعت فيها الثورات من قتل ودمار وعدم استقرار وتشرذم…إلخ يجعل الإنسان المسلم العاقل يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الثورة.


مع العلم أن هذه الثورات لم يصنعها فصيل سياسي معين إنما وقعت من لدن شعوب أثقلت كاهلها الممارسات التي سبق ذكرها.


ومقارنة واقعية خالية – من التعصب والانحياز- تُبين جليا أن ظروفنا ليست مشابهة لظروف هذه الدول، فمن حيث المدة الزمنية عندنا رئيس منتخب لم تمض على انتخابه ثلاث سنوات.


وأما من حيث الحريات فإنما هو موجود منها في بلادنا الآن أعتقد أنه لا يقل أهمية عما هو موجود في الدول الرائدة في هذا المجال.


أما من حيث الإنجازات والبناء، فإن المتتبع لما يجري حاليا في هذا المنحى يلاحظ تقدما ملموسا في جميع الميادين رغم قصر المدة وصعوبتها.


وخلاصة القول وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، فإني أنصح كل مسلم عاقل حارص على دينه مخلص لوطنه متطلع إلى تغيير واقع يرى أنه يستطيع تغييره إلى أحسن أن يصبر ويناضل بالحكمة والسلم ويترك شعبه ينعم بالهدوء والاستقرار حتى تتسنى له فرصته المتمثلة في الانتخابات، والله الموفق إلى ما فيه صلاح هذه الأمة ورفعتها.


والسلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته



أقــــلام حرة




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment