الأخبار (نواكشوط) – أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قبل أيام تعديلا جزئيا على حكومته هو الثاني من نوعه خلال أسابيع أخيرة، وحمل التعديل الجديد قيادات بارزة في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية إلى “مكاتب” وزارات الإعلام والشؤون الاجتماعية، وقبلهم وزارة الصحة.
كما لم يسلم بريد “منسقية المعارضة الديمقراطية” من رسالة تعنيه في التعديل الوزاري الذي أعلن عنه في وقت متأخر من مساء الأحد 31 مارس 2013.
- رسالة الرئيس الموريتاني الأولى من خلال التعديل الوزاري كانت رسالة “إعادة اعتبار” و”رسالة طمأنة” لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية من خلال تعيين قيادات بارزة فيها، هم نائب رئيس الحزب محمد يحي ولد حرمة ورئيسة اللجنة النسائية عيشة فال بنت فرجس، وذلك بعد “تململ” داخل صفوف الأغلبية من التهميش، وحديث عن عدم رضى الأطراف السياسية المشكلة له عن أداء الحكومة في المجمل.
وتقول الرسالة “أنا لم أنسكم”، وستنالون حظوظكم من التعيين في الوقت المناسب، وهي “وخزة تنبيه” لاقتراب موعد الانتخابات البلدية والتشريعية في ظل تزايد الحديث عن تحديد تاريخها خلال الأشهر المقبلة.
واستحقاق بحجم الانتخابات البلدية والتشريعية سيفرض على الرئيس الموريتاني نثر كنانته، وستكون الاختيارات صعبة “ومجزئة” في ظل التطورات المتلاحقة، وظهور تحديات جديدة ربما لم يكن يحسب لها حسابا.
وتبدو الحسابات الانتخابية حاضرة في التعيينات الأخيرة من خلال إعادة الثقة في الوزراء المطاح بهم، وتعيينهم في مناصب جديدة، وفي أقل الأحوال إجراء لقاءات طمأنة بهم من أجل ضمان بقاء ولائهم في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
- أما الرسالة الثانية فإلى بريد المعاهدة من أجل التناوب السلمي عموما ورئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير خصوصا، وهي “رسالة” غير ودية لمبادرته السياسية في ظرف حساس “بالكاد بدأت المبادرة تتملس فيه طريقها بين كبار اللاعبين السياسيين في موريتانيا، ولهذه الرسالة جانبين يتعلق الأول منهما بتفنيد المبررات التي قدمت لتأجيل التعديل الوزاري وإقامة حكومة توافقية، والذي كان يتذرع فيه بقرب الانتخابات وشبه استحالة إجراء أي تعديل وزاري قبلها.
وقد عرفت الفترة الأخيرة إعلان تعديلين وزاريين، عززا من مواقع حزب منافس لمنسقية المعارضة وللمعاهدة أيضا في مناصب مهمة، فنائب رئيس الحزب الحاكم أكمل “مربع” السيطرة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية على مفاصل الإعلام العمومي، ومسؤولة نساء الحزب الحاكم قبضت “بقوة” على “الشؤون الاجتماعية والأسرة”.
أما المنحى الثاني فيضرب “إحدى خلاصات الحوار في الصميم” وهو الشق المتعلق بإبعاد الإعلام العمومي عن التخندق السياسي، إذ إن اختيار نائب رئيس الحزب الحاكم لقيادة “كابينة الإعلام العمومي” من منصب الوزير يحكم قبضة هذا الحزب على قطاع الإعلام ككل، بعد أن كانت قيادتها وأعضاء مكتبه التنفيذي يتولون قيادة مؤسسات الوكالة الموريتانية للأنباء والتلفزيون الموريتاني، وإذاعة موريتانيا، فضلا عن إدارات الإعلام في وزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان.
وهو ما يوصل “رسالة عكسية” للمعاهدة، خصوصا وأنه “نتائج الحوار” نصت على ضمان النفاذ العادل لوسائل الإعلام العمومية، وضمان مصداقيتها في التعاطي مع أطراف الساحة، بما في ذلك اشتراط تزكية مديريها من قبل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.
- أما الرسالة الثالثة: فهي لأنصار “الخصم” الجديد محمد ولد بو عماتو، وهي “رسالة تحييد وطمأنة” أن الخلاف مع ولد بو عماتو لن يطالكم، وبإمكانكم تملس طريق منفصل عنه، والمشكل “شخصي بالأساس”.
ومن أبرز الأدلة على ذلك اختيار أحد رجال بوعماتو في قيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لحقيبة “مهمة بحجم الإعلام والعلاقات مع البرلمان”، هو محمد يحي ولد حرمة.
مع أنه يبقى من الوارد أن يكون “التعيين” جاء في طور تهدئة بين الطرفين بعد أن اقترب الصراع بينهما من “الخطوط الحمراء”، ويمكن تصنيف هذا التعيين وإطلاق سراح رئيس مبادرة ولد الدفاع عن ولد بو عماتو الكوري ولد عداد، وبقاء تهديد البنك المركزي للبنك ولد بو عماتو “حبرا على ورق” كنقاط بارزة في طريق “عودة” الأطراف المتصارعة إلى التهدئة.
- أما الرسالة الأخيرة فكانت إلى بريد منسقية المعارضة، وعنوانها: “لا جديد تحت الشمس… نحن على الدرب ذاته مواصلون”، وهو “ردة فعل” مباشرة على دوام انتقاد منسقية المعارضة لوسائل الإعلام العمومي بالارتماء في أحضان الأغلبية، وتهميش أحزاب المعارضة، والرسالة واضحة في تسليم الوزارة ذاتها إلى الحزب الحاكم من خلال نائب رئيسه، والشخصية الأكثر تمثيلا له في الأنشطة العمومية، بل يمكن تسميته الرئيس الفعلي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهو قادم إلى الوزارة من مكتب الاستشارية في القصر الرئاسي.
Filed under: موريتانيا, مرصد حقوق, أخبار Tagged: موريتانيا, مرصد حقوق
No comments:
Post a Comment