للمرة الثانية، ها هو الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مدينة أطار يقوم بعملية جرد لما تحقق منذ توليه الحكم. تحدث عن الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية للبلد.. تحدث عن الكثير من الأشياء.
كان عمليا شيئا ما، تحدث بلغة “الأرقام”.. و بصفتي مواطناً موريتانياً يتأثر كغيره- بشكل مباشر- بالسياسات المطبقة و الإجراءات المتبعة، حضر في ذهني ما يلي:
سيدي الرئيس، أنتم و أعضاء الحكومة و نواب الأغلبية و شيوخها، كل ما سنحت الفرصة، تؤكدون ضرورة الحكامة الرشيدة و التسيير المعقلن و ترشيد النفقات و الاستغلال الأمثل للموارد، و هكذا عبارات.. بيد أنكم سيادة الرئيس أفرغتم تلك العبارات من مضامينها، فالبروباكاندا التي سبقت و واكبت هذا اللقاء، و بطبيعة الأحوال التي استمرت بعده، و الأمواج البشرية التي زحفت ورائكم “على طريقة معاوية” الى مدينة أطار من وفود و أطر و موظفي الدولة و وزراء: لا تعدو كونها بهلوانيات مُبْكية بعيدة كل البعد عن عقلنة و ترشيد النفقات، بهلوانيات متناقضة تماما مع رئيس الفقراء الذي تدٌعون.. أم أن تلك العبارات الموسيقية، سيدي الرئيس، تستخدم فقط لتبرير سياسات التفقير التي يتعرض لها الشعب؟.
تحدثتم سيادة الرئيس عن معدلات الفائدة و اعتبرتم انخفاضها دليلا على الحالة الجيدة للاقتصاد، لكن سيادة الرئيس، هذه الحالة الجيدة و هذه التوازنات الكبرى لماذا لم تنعكس على الحياة اليومية للمواطن؟ أم أن الاقتصاد و الحياة اليومية للمواطن لا علاقة تربط بينهما؟.
ماهي الفائدة التي سيجنيها الشعب من لعب دور مالك السلطة في مسرحية لقاء الشعب؟ دور لا تتولد عنه منفعة ملموسة للمواطن. سيدي الرئيس المواطن يريد خبزاً و تعليما و صحة، لا أرقاماً جافة تعبر فقط عن الجانب غير الحقيقي، سيدي الرئيس المواطن ملٌ البهلوانيات العقيمة.
بالله عليكم سيادة الرئيس، مواطن قضى ساعات مرٌة في طابور من طوابير الألم و خرج بكلغ يتيم من الأرز و آخر من السكر.. كيف سيتمكن من هضم أرقام خالية من الروح؟ كيف له، بالله عليكم سيادة الرئيس، أن يصدق مجرد أرقام ملوثة بالتضخم و يرمي معاناته اليومية عرض الحائط؟.
سيدي الرئيس: الأرقام سرعان ما تتحول إلى لا شيئ على محك الارتفاع الجنوني للأسعار و تدني قيمة العملة.. كان من الإنصاف سيادة الرئيس التوقف قليلا عند تلك النقطة و تحليلها بالشكل الكافي.
يمكن في الأخير سيادة الرئيس، بنوع من التبسيط – ربما المبالغة في التبسيط – القول أن لقاء الشعب، متى كان موعده، و بعيدا عن البهلوانيات العقيمة، مهم لترسيخ ثقافة: الرئيس رئيساً لا لشيء سوى خدمة الوطن و المواطن و الاستجابة لتطلعاته، و إذا لم تتوفر فيه تلك المواصفات، يمكن أن تطبق عليه القوانين الترتيبات المعمول بها.
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment