بعد صمت طويل دخل الرئيس السابق لموريتانيا خلال المرحلة الانتقالية ما بين اغشت 2005 و إبريل 2007 اعل ولد محمد فال معركة جديدة ضد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز إلى جانب المعارضة التي أصبحت لا تطالب بأقل من ترك الرئيس لمنصبه.
اختار اعل أن يفاجئ الجميع بخطوة صارمة. وهي استراتيجية اعتاد عليها: أن يدخل في صمت عميق وعزلة حتى يختار الوقت المناسب لاقتناص الفرصة. وهكذا فاجأ العالم بظهوره إلى جانب قادة المعارضة في مظاهرة حاشدة رفعت شعار ارحل عزيز. لم يمضع اعل الكلمات خلال المهرجان، بل قال بكل وضوح إن الجيش على غرار غيره من الموريتانيين هو ضحية تعسف هذا النظام وأن الحكومة الحالية مغتصبة للسلطة.
والمعارضة المنضوية تحت لواء منسقية المعارضة الديمقراطية كانت قد كثفت هجماتها ضد النظام، بعد رفضها الدخول في حوار أجري في أكتوبر الماضي أفضي إلى إصلاحات دستورية. أما اعل فقد كان منذ مغادرته للسلطة منعزلة في بيته الوردي القريب من القصر الرئاسي أو موجودا في سفر خارج البلاد. وقد اختار أن يقف موقفا حذرا تجاه الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. وذلك انتظارا لحل يأتي للأزمة، لكن البلد الآن-كما يرى اعل-أصبحت في موقف خطر ولا يمكن أن يستمر في حالة اللامبالاة.
لقد فتح اعل النار بكل قوة على ابن عمه الرئيس محمد ولد عبد العزيز-دون أن يذكره بالإسم-الذي أصبح عدوه الأساسي، وهي مناسبة مثالية حيث إن هذا الأخير يواجه في منتصف ولايته الرئاسية سيلا من الاحتجاجات المتصاعدة. لا بد أن اعل فكر كثيرا قبل الإقدام على هذه الخطوة وحسب بدقة ما يمكن أن يترتب عليها، يقول صحفي موريتاني، ويضيف: اعل يرى أن الفرصة أصبحت سانحة له فالكفة السياسية أصبحت تميل لصالح المعارضة وهو ما يعني أن بإمكانه السعي لولاية جديدة. وفى انواكشوط يتحدثون عن أن الرئيس لن يكون باستطاعته أن يهضم عودة ابن عمه إلى الساحة السياسية. فبعد مهرجان الــ12 من مارس بيوم واحد ظهر الرئيس غاضبا خلال مهرجان شعبي عقده في مدينة انواذيبو ووجه انتقادات حادة للمعارضة. التي ليست مزعجة للسلطة لا بحراكها السياسي ولا بالجموع التي تحشد كما يقول الأمين التنفيذي للحزب الحاكم محمد محمود ولد جعفر.
والرجلان اعل ومحمد ولد عبد العزيز يعرفان بعضهما جيدا فقد عملا معا تحت حكم ولد الطايع: ولد محمد فال في إدارة الأمن وولد عبد العزيز على رأس حرس الرئيس معاوية قبل أن يشتركا في قيادة انقلاب عسكري عام 2005. وبعد انقلاب أغشت 2008، انتحي رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية جانبا فلم يصرح علنا برفض الانقلاب، ولكنه عمل ضده في الكواليس سواء لدي الوجهاء في موريتانيا أو لدي الرؤساء الأفارقة أو لدي الدبلوماسيين الفرنسيين. وفور الإعلان عن توقيع اتفاق داكار أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية وخرج منها منهزما بــ3،81 في المائة فقط من الأصوات، لكنه وصفها بأنها غير نزيهة، ودعا رفقة مسعود ولد بلخير وأحمد ولد داداه إلى إجراء تحقيق في نتائجها. واعتبر فيما بعد أن النتائج ليست إلا استمرارا لتمرد شخصي من قبل عسكري لم يغادر موقعه فى الرئاسة أصلا، وقال إنه تنبأ بوصول البلاد إلى مرحلة انسداد سياسي كهذا الذي تعيشه الآن.
واليوم يعمل اعل جنبا إلى جنب مع قيادات المنسقية الذين يتبادل معهم الزيارات للبحث عن حل سلمي للأزمة، وهو حل لا يراه هؤلاء إلا في انتخابات مبكرة. أيامه مليئة بالاتصالات السياسية مع مختلف الجهات. لكنه يدرك حاجته قبل التفكير في العودة إلى السلطة إلى تحسين صورته ويملك لذلك شبكة من العلاقات الواسعة في إفريقيا والشرق الأوسط كما أنه يقدم نفسه على أنه رجل يفي بكلمـــــــــــــته
ويدلل على ذلك بتسليمه السلطة طواعية عام 2007. كما أنه يؤكد على أن عودته ليست من أجل طموح شخصي بل هي من أجل الموريتانيين جميعا.
لكن ما إن عاد إلى المشهد السياسي حتى بدأت تلاحقه العواصف. فقد أثارت تصريحاته لإذاعة محلية عن أحداث 89 غضب قطاعات من الزنوج. وهو ما فرض عليه أن يصدر بيانا انتقد فيه ما أسماها حملة التضليل التي يتعرض لها وتأسف على أن تصريحاته قد فهمت خطأ. لكنه انطلاقا من هذا الجدال فإنه سيواجه عاجلا أو آجلا مسألة علاقته بنظام ولد الطايع.
ترجمة: مركز الصحراء
Jeune Afrique
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment