نحن الآن في منتصف شهر رمضان، شهر الجهاد والفتوحات الإسلامية الكبيرة، حيث تحل علينا ذكرى بدر في الـ17 منه وبعدها بثلاثة أيام فتح مكة.. ولاشك أن الشهر الكريم بما يعنيه من معان روحية سامية، كان أيضا شهر جهاد وتضحية بالمال والأنفس..
لهذا لم يكن مستغربا أن تدور فيه أعظم المعارك الجهادية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي العهود التي تلت ذلك، جريا على سنته عليه أفضل الصلاة والسلام.
اليوم نحن نعيش رمضانا آخر في أزمنة أخرى، اختلطت فيها المفاهيم والقيم، وتبدلت الأرض غير الأرض، في عصر ما يسمى “الربيع العربي”، حيث انبرى “العلماء” لإصدار الفتاوى التي تفرض علينا أن نقاتل بعضنا البعض، في سبيل إسقاط هذا النظام أو ذك، ارضاء لملك هذا القطر أو أمير هذه المشيخة.. ليس إلا..
الجديد في فتاوى اليوم أنها لاتلزم من تصدر عنه، ففي الوقت الذي يطالبوننا بـ”الجهاد” في سوريا وليبيا، ينغمس هؤلاء “العلماء” في جهاد آخر، داخل غرف النوم الوثيرة، والسيارات الفارهة، ومراقبة الحسابات المصرفية التي تضيق بمليارات الدنانير ذات المصادر المشبوهة..
تاريخيا كان علماء الأمة يعقدون ألوية الجهاد، ويقودون المعارك، يوجهون الجنود ويسدون النصيحة، ويحملون السيوف إن اقتضى الأمر، ما تخلف منهم رجل واحد، على عكس ما هو حاصل عند علمائنا اليوم..
في عصرنا الحاضر لما أفتى الشيخ عز الدين القسام بالجهاد في فلسطين كان أول من حمل بندقيته، وحين رأى عبد الله عزام الجهاد ضرورة في أفغانستان كان أول من هاجر إليها، وسار على نهجه الشيخ اسامة بن لادن وايمن الظواهري، حتى الشيخ أحمد ياسين العجوز المقعد رفض أن يكون مع الخوالف، وتلك كانت حال علماء موريتانيا الذين أفتوا بوجوب قتال الفرنسيين..
وحجة هؤلاء العلماء أنهم يمثلون قدوة للمجتمع، الذي لن يتخلف عن الجهاد حين يراهم في مقدمة الصفوف..
اليوم نرى محمد الحسن ولد الددو ويوسف القرضاوي.. وغيرهم في ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يؤسسون منهجا جديدا، يقوم على إصدار الفتاوى التي تلزم غيرهم فقط على طريقة “اذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون..”
نحن هنا لا ندعوا هؤلاء لأن يحملوا السيوف في وجه النظام السوري، فمكانهم الطبيعي يجب أن يكون إلى جانب هذا النظام الذي يتكالب عليه أشرار العالم، أما وقد عميت بصائرهم- والعياذ بالله- فما ينتظره أشياعم وأتباعهم أن يهاجروا إلى سوريا، لقيادة ألوية “المجاهدين” في حماة وحلب وحمص، هذا إن أرادوا الإبقاء على قليل من ماء وجوههم الذي أراقوه مرارا على عتبات مشيخات الخليج العربي.
Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا
No comments:
Post a Comment