Tuesday 13 November 2012

موريتانيا فى “ورطة” | ‫#موريتانيا أخبار


الثلاثاء 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012









بقلم: محمد فال ولد عمير، كاتب صحفي موريتاني

إن البلاد التي تنتظر عودة ولد عبد العزيز، ربما في غضون أسبوع، ليست بلادا تشهد أزمة. إنها بلاد تهتز على وقع آفاق غير مسبوقة تتمثل في المجازفة بمشاهدة رئيس لا يزال يزاول مهامه وهو يموت، والوقوف -بالتالي- على غياب غير منصوص عليه في الآليات الدستورية، وأخيرا نجاة نظام لا يزال حديث النشأة بشكل كبير.


رصاصة طائشة أو أضرار جانبية لنظام أمني متأهب، يبدو أن الرصاصة التي اخترقت جسد الرئيس ولد عبد العزيز، في 13 أكتوبر، أوشكت أن تكلف البلاد ثمنا باهظا. سنتجاوز نواقص الضابط الشاب الذي لم يكن لديه، مطلقا، ما يفعله حيث كان حينها وفي الهيأة التي كان عليها. سنجعل ذلك في حساب اضطرابات الكون حين يضرب القدر. ولكن يتعين علينا الامتناع من عدم استخلاص الدروس منه.


إن موريتانيا من الهشاشة بمكان بحيث لا يمكنها أن تكون مرتبطة بحياة رجل. وهذا الرجل لا يحق له تعريض حياته للخطر؛ لأن وجود الأمة قائم عليه. وهذه ليست خاصة بولد عبد العزيز، وإنما هي إحدى الثوابت في هذه الدول التي لا تزال قيد البناء والتي يمكن لاختفاء القائد فيها أن يكون مرادفا لصدمات كبيرة. إنها “نيران صديقة” بالتأكيد، ولكنها نيران ينبغي أن تسمح لنا بتغيير رؤيتنا للأمن ومتطلبات هذا الأمن. عندما يعود ولد عبد العزيز، فإن ذلك سيشكل بالنسبة له تحولا عميقا فيما يتعلق بروابطه بمهامه التي تنتظره.


إنها بلاد في ورطة؛ ليست في أزمة، وإنما في ورطة. ورطة مرتبطة بالانتخابات والتوافق. فالانتخابات التشريعية والبلدية متأخرة بسنة كاملة. ومهما تكن أسباب ذلك، فإن المهم هو تنظيمها وبأسرع وقت إذا كان ذلك يتطلب حدا أدنى من التشاور بين الفاعلين السياسيين. بالأحرى إذا كان تنظيم مثل هذه الانتخابات يمكن أن يشكل فرصة للدخول في آفاق جديدة من الحوار قد يشمل جميع هؤلاء الفاعلين.


ويكفي أن تلعب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات دورها المنوط بها؛ فهي ليست جهازا فنيا فحسب، ولكنها كذلك جهاز سياسي مسؤول عن الإشراف على العمليات الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها. فعلى اللجنة أن تستمع إلى الأحزاب السياسية لمعرفة الظروف اللازم توفرها لجعلها -ربما- تشارك، والمتطلبات الضرورية لضمان انتظام ونزاهة الانتخابات.


وفي موازاة ذلك، ربما ينبغي لولد عبد العزيز إجراء تعديل وزاري من شأنه توسيع قاعدته “الوظيفية” ليشمل أوساطا أخرى غير تلك الداعمة له. وهذا التعديل الوزاري ينبغي، حتما، أن يشمل حقيبتي الداخلية والعدل. فغداة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع المعاهدة من أجل الانتقال السلمي -الأحزاب التي شاركت في الحوار- وعشية إعلان نتائج أول استحقاقات تجرى على أساس نتائج هذا الحوار، ربما سيكون ولد عبد العزيز قد أرسل رسالة موفقة من خلال تعيين وجوه جديدة قادرة على ترجمة الاستعداد المعلن من قبل النظام للانفتاح على أطراف أخرى من المجتمع السياسي، ثم اللعب بأسلوب نزيه. لقد شكل وجود معارضين على حقائب الداخلية والاتصال والمالية والدفاع… خلال انتخابات يوليو 2009 تجربة مفيدة، ينبغي تكرارها. وإلا محاكاتها.


لا حاجة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، فهذه ينبغي أن تشكل الملاذ الأخير في حلقات المواجهة التي تشل البلاد. إن البلاد، وفي ظل غياب ولد عبد العزيز الذي يوصف بـ “القاهر”، ظلت تسير بشكل عادي، شئنا ذلك أم أبينا. لم يظهر على السطح أي من العناصر التي قد تتسبب في خطر الانجراف. فالوزير الأول يسير الشؤون في غياب القائد. وفيما يتعلق بالأمن، فإن الجهاز لم يرسل أي إشارة ضعف أو عجز. لدرجة أن النظام الذي كان يقال إنه غير موجود، قد نجح في الاختبار الذي تعرض له.


إن الإصابة بطلق ناري تتماثل للشفاء جسديا، بيد أن الصدمة التي تنتجها هي صدمة كبيرة. وقد تشكل هذه الإصابةُ النقرةَ أو الصدمة الكهربائية التي كنا نحتاجها لحل مشكلتنا – أخيرا – ولإجراء إصلاحات عميقة يحتاجها البلد لضمان إعادة التأسيس التي تمت (إعادة) البدء فيها منذ فترة قصيرة.


ترجمة: نور أنفو


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment