Sunday 11 November 2012

دكتواراه موريتانية بميزة مشرف جدا بعنوان “النسق السياسي الموريتاني” | ‫#موريتانيا أخبار

نال الباحث محمد الأمين ولد إبراهيم درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع توصية اللجنة بنشر الأطروحة، بعد مناقشته لأطروحة الدكتوراه في القانون العام بكلية الحقوق ( جامعة الحسن الثاني) تحت عنوان النسق السياسي الموريتاني ” دراسة في التشكل”.

وأعتبر الباحث أن الخصائص المميزة لسيرورة النسق السياسي الموريتاني، تكمن في أن المجتمع من خلال بناه التقليدية استطاع أن ينشأ نواة كيان سياسي، رغم أن طبيعته تجعله وفق العديد من الدارسين السويولوجيين ضمن المجتمعات المتناقضة مع فكرة قيام سلطة سياسية يخضع لها الجميع.


فالتحليل الانقسامي يبقى عاجزا عن تفسير كيفية التطور من نظام السيبة إلى نظام يعرف بروز سلطة سياسية في طور التشكل عرفها المجتمع من خلال النظام الأمري الذي ساد المنطقة منذ القرن 17 الميلادي.


وحقيقة أن التنظيم السياسي المركزي في المجتمع الموريتاني قد جاء عبر الآليات الكولنيالية، تحمل معها حقيقة أخرى هي أن المشروع الاستعماري بشتى أشكال تواجده في المجتمع، قد حمل في عمق توجهاته واستراتيجياته، مشروعا مناقضا لطبيعة المجتمع.


وقد أدت هشاشة البنيات التقليدية في المجتمع، وعدم قدرتها على المواجهة لتكون بديلا للاستعمار الأجنبي إلى تمكن المشروع الاستعماري من احتواء المشروع التقليدي بجميع فعالياته ليجعله منضويا تحت توجهاته الفكرية والسياسية والاقتصادية، وليعيقه عن التطور الذاتي المستقل وفق شروطه المحلية الخاصة.


وما إن حلت مرحلة الاستقلال – الشكلي في عمقه بناء على الكيفية التي تم بها – حتى كانت النخب والقيادات السياسية والاجتماعية المحلية – وهي التي كان عليها مهمة بناء دولة وطنية حديثة- قد ربطت عضويا مصالحها مع المستعمر.


والنتيجة هي تعميق حالة الرفض المتولدة عن كل ماله علاقة بدولة الكفر الموروثة عن المستعمر.

لنخلص إلى القول أن حالة من التوتر بين المجتمع والدولة، هي نتيجة طبيعية لتدخل عوامل خارجية متمثلة في الاستعمار الفرنسي فرضت عليه التحول المباشر إلى نظام الدولة.


زاد من حدتها عجز الاستعمار عن اختراق المجتمع التقليدي وصهره لصالح مشروعه الاستعماري كما حدث في بلدان أخرى مشابهة للوضع الموريتاني، فالشيء الوحيد الذي أستطاع الاستعمار فعله هو خلق مجال للتحديث السياسي جنبا إلى جنب مع البنية التقليدية للنظام القبلي والعشائري الذي كان موجودا قبله.

وعندما ورثت دولة الاستقلال موقع الإدارة الاستعمارية ورثت معه تلك العلاقة المتوترة بين المؤسسات الحديثة والمجتمع التقليدي، رغم محاولاتها المتكررة اعتماد خطاب رسمي يقوم على نفي النظام التقليدي ويعتمد قيم الحداثة، مع التشديد على تجنب كل شكل من أشكال الصدام أو المجابهة مع البنى العتيقة.

ولم تساعد المدرسة الوطنية حقل التحديث في كسب معركة الولاء لدى الأفراد، حيث ظل هؤلاء رغم تشبثهم بقيم الدولة الحديثة وتطلعهم لأن يحدث اندماج حقيقي في الدولة، ينحازون لولاءاتهم القبلية والعشائرية كلما كانت الدولة بصدد خوض مواجهة من شأنها تقليل نفوذ تلك الأطر التقليدية على أتباعها لصالح الدولة.


فكانت النتيجة من كل ذلك تكريس السلطة التي تتمتع بها القبيلة والاثنية والطائفة في النسق السياسي الموريتاني، فلازالت السلطة تمارس من خلال الأطر القبلية والجهوية والعشائرية، مما يجعل سلطة تدبير الشأن السياسي تتم خارج الدوائر الرسمية المعهودة لذلك، وحيث تبقى المؤسسات مجرد واجهة شكلية فاقدة لكل صور الفاعلية في النظام السياسي.


إن المتأمل في مسار التطور السياسي الذي عرفه المجتمع الموريتاني، لا يخفى عليه أن النسق السياسي به عرف حركية دائمة، كانت في غالب حالاتها استجابة لعوامل خارجية، حالت دون تطور ثقافة الدولة، حيث أن الثقافة السياسية الموريتانية التي تبلورت خلال العقود الماضية، ليست إلا جزء من الثقافة العربية المطبوعة بالاستبداد والتسلط، يضاف إليها غياب ثقافة المؤسسات في التاريخ الموريتاني، بوصفهما الحاضنة الطبيعية للنشاط السياسي.


وفي مقابل ذلك سيطرت على المجتمع الموريتاني ثقافة البداوة المطبوعة بالقسوة المعززة بقيم القبيلة، التي هي النقيض الطبيعي للروابط المدنية القائمة في جوهرها على روح التعاون والعيش المشترك، والعمل الجماعي في إطار المؤسسات، وسوف تنعكس آثار ذلك على السياسات التي أتبعتها الأنظمة المتعاقبة على الحكم في عهد دولة الاستقلال، حيث قام الرئيس المدني الأول بإجهاض بذور التعددية الحزبية، التي نشأت في ظل السيطرة الاستعمارية، بإدماجه للأحزاب السياسية التي كانت قائمة في حزب الشعب مع بداية ستينات القرن العشرين، الذي شكل النموذج الموريتاني لتجربة الحزب الواحد في القارة الأفريقية.


ينضاف إلى ذلك قيام العسكر بإعاقة ولادة الدولة المدنية الحديثة، من خلال تهميش مؤسسات المجتمع المدني، حيث ظل الجيش هو المؤثر الأساسي في السياسة الموريتانية، الذي تفرض ضرورة الحفاظ على اتزان المشهد السياسي إشراكه في اللعبة السياسية.


هذا في ظل غياب إطار محدد يحكم وينظم دور الجيش في الحياة السياسية والدستورية الموريتانية، وهو ما باتت الضرورة تدعو لتجاوزه، لأن استمرار تدخل الجيش في السياسة من دون توفر آلية محددة لذلك من شأنه استمرار حالة عدم الاستقرار التي تفاقم من الأزمات التي يعاني منها البلد.


وحتى حين دخل البلد مرحلة الانفتاح الديمقراطي كان ذلك يتم استجابة في حقيقته لضغوط خارجية، سرعان ما انتكست التجربة بفعل رسوخ ثقافة الحزب الواحد وغياب أفق للتداول السلمي على السلطة وإصرار النظام القائم آنذاك على البقاء في الحكم وضعف قيم الممارسة الديمقراطية، واستمرار الممارسات الاستبدادية للنظام العسكري.


فقد عمل على إضعاف المعارضة الحزبية وإفقادها الثقة الشعبية، مما انعكس بجلاء على أدائها داخل النظام السياسي، الشيء الذي أثر سلبا على الأفراد وعلى إمكانية تحولهم إلى فاعلين قادرين على الاضطلاع بدور كذات حقوقية أمام الدولة.


إن ترسيخ الممارسة الديمقراطية يحتاج إلى الكثير من التضحيات، ذلك أن الديمقراطية قبل أن تكون أشكالا سياسية ونصوصا قانونية، هي ثقافة وسلوك وقيم وقناعات، وترك للأفكار الأحادية والنظرة الإقصائية للآخر، والديمقراطية بهذه المواصفات ما زالت بعيدة المنال في موريتانيا وعلى الجميع أن يعي ذلك جيدا.


ويبقى السؤال المطروح هو كيف ستنجح موريتانيا في ترميم الشرخ ما بين الحداثة التي جاء بها في الأصل المستعمر متمثلة في مؤسسات ونظم الدولة الوطنية الحديثة، وما بين الإجماع التاريخي للمجتمع الذي تعكسه القيم التقليدية لمجتمع العشيرة، بالتالي كيف ستنتهي حالة التوتر ما بين الدولة والمجتمع في موريتانيا؟؟؟.




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment