Tuesday 13 November 2012

ما هكذا يا بن باهية تورد الإبل | ‫#موريتانيا أخبار

إن مما ميز تاريخ بلادنا المكانة التي تتبوؤها حملة العلم والتي تعلو أحيانا على مكانة الأمراء، حتى إن فقيه المرابطين الصارم عبد الله ابن ياسين يأمر بجلد أميرهم المشهور يحي ابن عمر تعزيرا، وحين سأل الأمير قبل الجلد عن السبب رد عليه الفقيه بقوله “لا أقول لك السبب حتى أنفذ حكم الله فيك” فما كان من الأمير إلا أن مكن الفقيه من نفسه بدون تردد.

ولما انتهى التعزير قال الفقيه للأمير “إنما جلدتك لأنك تتقدم جيشك في المعارك والمخاطرة بحياتك تمثل خطرا على الجيش ولهذا عزرتك”.


وللارتباط الوثيق بين العلم وتقدم الأمم كان حملة العلم في البلاد المتقدمة الأعلى رواتب والأكثر استقرارا وظيفيا والأشد هيبة حتى إن الـ”كاجي بي” في عز سطوته عجز عن النيل من أخطر معرضي الحقبة الشيوعية الأستاذ الجامعي بموسكو (أندري سخا بروف).


تذكرة هذا وأنا أتابع بأسى بالغ مأساة 108 من أساتذتنا الذين تغلبت عليهم وزارتهم فسلطت عليهم سيف التحويل لتقطعهم إربا إربا لأسباب لا علاقة لها بعملهم المهني، ثم علقت رواتب أغلبهم الشهر الماضي.


وإذا كنا لا نملك أمام مأساة هؤلاء الضحايا نفعا ولا ضرا فلا أقل من أن نستعيد قولة المتنبي الحكيمة:


لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعف النطق إن لم يسعف الحال


إن مهمة التدريس تعتبر من أنخب المهن على مستوى العالم لا يسبقها حسب دراسة أمريكية إلا مهنة رجال الشرطة في مدن الإجرام الكبرى كميامي ونيويورك.


وإذا أضيف إلى هذا رواتبها المكرسكوبية، وأساليب مسؤوليها ستالينية فإنها تصبح جحيما طاردا لا يطاق.


وإن اللجوء إلى أساليب التركيع المادي مع المربين يعكس خللا تربويا خطيرا على قمة هذه الوزارة التي عهد إليها المجتمع أخطر المهام في بناء مستقبله.


وما أظن حساب هؤلاء المسؤولين عند الله إلا عسيرا.


فما ذا يقول ابن باهية لرب العالمين يوم يبعث الله الرسل والوزراء فيسأله عن هذه الأسر بأي ذنب جوعت؟.


ماذا يقول في أعين أطفال مغرورقة بالدمع ليلة العيد لأن آبائهم عجزوا عن شراء ثياب جديدة؟.


أما أنتم أيها المحولون المحاصرون فصبرا آل التعليم فإن لكم غدكم ولخصومكم أمسهم.


ولا سبيل أمامكم إلا قول ذو الفقار علي بوتو عندما لوح له بحصار اقتصادي إذا لم يوقف برنامج باكستان النووي حيث قال ” إننا مستعدون لأكل الحشائش في سبيل برنامجنا النووي”.


مأساتكم أيها المربون الصامدون جزء من مخاض عسير داخل مجتمعنا يخفي ورائه معركة محتدمة بين ثقافة ستالينية جامدة تهيمن على بيروقراطيتنا، ومؤسسات المجتمع المدني التي خرجت مخنوقة بولادة قيصرية من رحم الدكتاتوريات المتعاقبة.


ولو نال أسلوب التجويع المهين من أسلافنا في حصار الشعب لكان لله في خلقه شؤون غير الذي رأيناه، إذا لكنا اليوم من عبدة الأوثان والبقر.


فلا تهنوا ولا تحزنوا ولو أطعمتم أطفالكم حشائش “أم ركبة”.


فمسؤوليتكم أمام المجتمع كبيرة ولتحاربوا هذه الأساليب القمعية في بلادنا بالصبر والتضحية اللذين كنتم تحاربون بهما الجهل في قرانا ومدننا.


أما أنتم أيها المسؤولون التربويون فلا عاصم لكم اليوم من أمر الله إلا من رحم.


أم تظنون أنكم مانعتكم مناصبكم من الله؟ كلا، لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر.




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment