Tuesday 6 November 2012

هل تغيرت المعاهدة من أجل المنسقية؟ | ‫#موريتانيا أخبار


الثلاثاء 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012









بقلم: محمد فال ولد عمير، كاتب صحفي موريتاني

لقد جاء المهرجان الأخير لمنسقية المعارضة الديمقراطية لإنهاء الهدنة التي اتخذ الفاعلون السياسيون قرارها عشية الحادث الذي وقع ضحيتَه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز. هدنة قابلها الرأي العام الوطني بالترحيب والتثمين، ورأى فيها المراقبون موقفا جديدا قد يؤدي إلى بروز تحولات تفتح آفاقا جديدة أمام الممارسة السياسية.


لقد قررت منسقية المعارضة الديمقراطية، إذن، استئناف أنشطتها حتى قبل عودة الرئيس ولد عبد العزيز. هل يعني هذا أنها تعرف أن المياه تعود إلى مجاريها، مع التحسن الملحوظ على الوضع الصحي للرئيس؟ ربما. وبِغَض النظر عن تقييم عدد المشاركين في هذا المهرجان – ما بين ثلاثة آلاف وأربعة، وفقا للمراقبين – فقد كان هناك الخطاب الذي كان منتظرا للغاية. حيث إنه تم الحديث كثيرا عن خلافات بين الشخصيات الرئيسية في المعارضة، بشأن مضمون الخطاب وطريقة عرض الإشكال.


فبالنسبة للبعض، ربما يُشكل الحديث عن الشغور والتركيز على الوضع الصحي للرئيس كمينا؛ حيث إنه لا شيء يمنع من ظهور الرئيس مرة أخرى، وبشكل علني، في اليوم التالي، وهو ما سيثير السخرية من الخيارات التي تم طرحها. وبالنسبة للبعض الآخر، يجب بدء الخطاب من حيث كان قد توقف: الدعوة إلى رحيل الرئيس عزيز عن الحكم، وهي الدعوة التي لم تؤد إلى أي نتيجة طوال الوقت الماضي.


لقد أدى التسويف والتردد إلى العديد من الترانيم والمواقف -وبالتالي- إلى خطابات تتفاوت في الراديكالية، ولكنها تتحاشى الظهور بمظهر “السيء” الذي يستغل حادثا كان يمكن أن يكون قاتلا للمواطن الأول في البلاد. إلا أن ذلك لم يمنع من التحول من موقف كان يندد بالحضور الكلي لرئيس الدولة (في كل شيء) إلى موقف يدين غيابه؛ من موقف كان يطالب برحيله إلى موقف يطالب بحوار شامل؛ من موقف كان يدعو لثورة شعبية إلى موقف يطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية وبفترة انتقالية توافقية.


إن الطبقة السياسية، وخصوصا المعارضة التقليدية، تدفع هنا ثمن أخطاء الماضي. عندما رفضت المشاركة، سنة 1992، في انتخابات تشريعية كانت ستوفر لها حضورا قويا على رقعة الشطرنج. عندما حبست نفسها، لاحقا، في موقف من الرفض أَسْهَمَ في تقزيمها إلى مجرد قسيمة لنظام كان من المفترض أنها تحاربه. عندما تركت نفسها مشلولة غير قادرة على القيام بردة فعل إزاء أحداث 8 يونو 2003، لا في هذا الاتجاه ولا في ذلك الاتجاه. عندما رفضت أن تفهم أن التغيير لا يمكن أن يأتي إلا من داخل النظام، في ظل غياب أي مبادرة من خارجه. عندما دعمت، دون أي تحفظ، انقلاب 3 أغشت 2005. عندما دعت المجلس العسكري حينها، بشكل أو بآخر، إلى خرق عهده بعدم التدخل في الشؤون السياسية للبلد. عندما سارت، في معظمها، خلف الرغبات والآمال المعبر عنها أو غير المعبر عنها من قبل المجلس العسكري الحاكم: مع المستقلين بإيحاء من رئيس المجلس العسكري و/أو دعم ترشح سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي رعاه، بشكل علني، مجموع أعضاء المجلس العسكري. عندما هيأت ودعمت، في جزء منها، إزاحة النظام المدني المنتخب. عندما أضفت الشرعية على انقلاب أغشت 2008، بدءا بمسايرته بالنسبة للبعض ثم بتطبيعه من خلال اتفاق داكار في يونيو 2009. عندما كانت غير قادرة على تحمل مسؤولية أخطائها واستخلاص العبر. عندما حاولت الاختباء وراء عدم شرعية انتخابات شاركت في تسييرها. عندما ظلت عاجزة عن الاتفاق على عريضة مطلبية مشتركة، وفقدت وقتا ثمينا في البحث عن من سيكون في واجهة مواجهة النظام. عندما تم الزج بها، من خلال قراءة خاطئة للوضع الموريتاني، في تطرف ورفض لم يكونا ليفضيا إلى أي شيء، باستثناء حائط مسدود… المعارضة تدفع -اليوم- ثمن أحكامها الخاطئة وتناقضاتها وعدم وضوح رؤيتها واستمراريتها في العمل السياسي. مثلها في ذلك الطبقة السياسية برمتها: نفس الشيء ينسحب على هذه الأغلبية التي تتوارى عن الأنظار في وقت يعتبر فيه الصمت قاتلا.


والخطر الكبير في هذه المعارضة هو وجود “بطانة” غير مؤسسية تسحبها دائما بشكل أكثر سرعة وأكثر غدرا، مما يهز ويزعزع الأحزاب المعترف بها ضمن المعارضة المؤسسية. فجميع هذه المنظمات غير المعترف بها، وهذه المواقع التي تدعي أنها متجذرة في المعارضة، وهذه الدوائر “التفكيرية” الشبيهة -بشكل أو بآخر- بطوائف سرية، وهذه الإلكترونات الحرة التي تدعي تحليلا نزيها لـ “مفكرين” سامين على الشجار… كل هذه الأشياء المنسوبة إلى المعارضة تسهم في التطفل على المشهد السياسي وفي تغطية نشاز مؤسف يحجب الحقائق على الأرض.


وهكذا يسمم المشهدَ ويمنعُ المعارضةَ المؤسسية من اتخاذ المواقف المناسبة شائعاتٌ وتحاليل زائفة وتصريحات نارية من أناس تتم تغذيتهم بشكل جيد وتدفع لهم أجور مرتفعة في الخارج (أحيانا) ومعاونين سابقين وداعمين لكل الانجرافات الدكتاتورية…


وهذه “المعارضة الموازية” لديها نظيرتها في المعسكر الآخر. ومثل كل الأرواح الشريرة والمتآمرة، فإنهما تلتقيان وتعملان جنبا إلى جنب ويدا في يد. وهذا ما يمنع الموريتانيين من أن يلتقوا في ما بينهم من جديد…


ترجمة: نور أنفو


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment