Saturday 10 November 2012

خروجا من قمقم الصمت | ‫#موريتانيا أخبار


السبت 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012









الشيخ نوح

منذ الرصاصة و القوى السياسية تشهد حالة تأهب تمخض جبلها ليلد فأرا أعرج! ما يسمى بالموالاة ما زال أقطابها تحت هول الصدمة و الارتباك في ظل ظروف يطمئنون المواطنين بخصوصها رغم أنهم هم أنفسهم لم يشعروا بالطمأنية منذ اختفى الخيط الرابط لمعسكر من الجشعين النهمين الذين يمتصون منذ أصبحت لهم أفواه دم هذا الشعب المسكين و المريض و كيف يكون حال شعب تمالأت عليه نخبه و عسكره و فقره و بداوته و طيبوبته إلا شعبا مسكينا و مريضا؟!


إن مصاصي الدماء يريدون معرفة الجهة التي سيكون مجرى الكأس إليها ليكونوا على مستوى التحدي و التصفيق المطلوب الذي يدر أكواما من المال المجاني و شوربة الدم المعتق بعرق الكادحين و البسطاء في أواني من طاووس و أقداح من كوكيت.


كانت المعارضة المولعة بالمشاكسة تعلن- قبيل الرصاصة التي خلطت الأوراق -عن تحرك وشيك يفضي إلى الإطاعة بالجنرال الذي غاب فجأة عن المشهد كما سطع نجمه فجأة ليترك المعارضة في جب حيرة لم تستطع بعد الخروج منه أو حتى تعكير صفو مياهه فهل تنتظر عودة الرئيس “عزيز” لتبدأ مغازلته من جديد و استجداءه أن يمن عليها بالمقعد الوثير في قصره الرمادي الذي يتخذ من نفسه برزخا بين امتصاص دم الفقراء الأبيض النقي و دم المتخمين الأسود الملوث بكريات الحرام ؟ أم أن المعارضة تنتظر أن ينقلب العسكر على أنفسهم و يقدمون لها الحكم كما قدم يوحنا المعمدان روحه بسخاء على طبق من ذهب؟!


الجمود الحالي ليس سوى حالة ارتباك تعبر عن خوف مرضي من القصر رغم رغبة مجنونة تدفع إليه لكن من يدري؟ ربما المعارضة لا تريد أن ينتهي حلمها بالقصر و يتحطم على واقع الوصول إليه لأن الأحلام تصبح باهتة و ثقيلة الظل حين تتحول إلى واقع ملموس مجرد من عذرية الحلم.


إلا أن الوضعية الاستثنائية لبلد مشلول فالرئيس غائب منذ أقل من شهر و المؤسسات الدستورية (البرلمان المنتهي الفترة,المجلس الدستوري الذي لا يتمتع بكل صلاحياته)غير قادرة على الاستمرار في هذه الوضعية المضببة التي تقاد البلاد فيها من طرف العسكر تارة و من طرف ابن الرئيس تارة أخرى في مفارقة تذكرنا بعصر الإقطاعات في أوروبا القروسطية حيث لا حدود للقانون إلا ما توفره لك قبضتك الحديدية و جرأتك على تحدي العقل و المنطق و الدوس على كرامة الإنسان و إلغاء الإنسان نفسه.


بعد اليأس من العسكر و الفوبيا الرهيبة التي لدى المعارضة من الحكم و لحظات الحسم أليس هناك فراغات كبيرة يمكن للقوى الشابة و الثورية و الأصوات المبحوحة المقصية و المهمشة التي طالما أزعجت الجنرال و هو في منتهى قوته أن تملأ هذه الفراغات الخطيرة التي يمكنها أن تعصف بالأرض و الإنسان في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا المسطر بحروف القمع و الاستبداد و التفخيخ الخبيث لعلاقاتنا ببعضنا منذ ولد هذا الوطن المسافر بين الدمع و الدم!


نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة و المطالب الجديدة و التراكمات الظلامية المكثفة التي ظلت تعصف بأحلامنا و تطمس كل شمس أطلت برأسها على ربى آلامنا الموزعة بجور على أبناء الوطن الواحد.


إن التاريخ الكثيف من الظلم و الثأر المكبوت بحاجة إلى عقد جديد ينصف من ظلموا و يصالح البلد مع ذاته و تاريخه المثخن بالجراح و الأوجاع النائمة و ليست الميتة في نفوس عانت ما عانت من صاب القهر و التمزق الصامت وإلا فإن أية تسوية لا تأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار ستظل مهدئا للأعصاب و ليست حلا جذريا للأزمات التي ستستيقظ بشكل أعنف إن نحن أصررنا على ترحيلها للمستقبل!


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment