Wednesday 21 November 2012

حجارة السجيل تسقط الأوراق الذابلة| ‫#موريتانيا أخبار

عندما أطلق الصهاينة عمليتهم العدوانية الحالية المسماة “عمود السحاب” كانت في حساباتهم العسكرية والدبلوماسية أهدافا يسعون لتكريسها واقعا جديدا رأى المر ;اقبون أنها تتراوح ما بين تصفية قادة المقاومة وتدمير قوتها وجرها لهدنة ليست في صالحها، وبين إحراج قادة الربيع العربي بوضعهم أمام أمر واقع يعجزون عما يفرضه من مواقف خشي ة الانجرار إلى مواجهة غير محسوبة.



ولتحقيق هذه الأهداف بدا للصهاينة أنهم أحكموا خطتهم من خلال بدء العملية باغتيال الشهيد أحمد الجعبري وما تلاه من عمليات ظنوها جراحية سريعة ثم الطرح السريع عن طريق حلفا ئهم الغربيين لهدنة تنهي المعركة في لحظة الانتصار الصهيوني.



براعة مسايرة اللحظة



ذلك هو حساب الصهاينة لكن توفيق الله للمقاومة ومن خلفها قادة الربيع العربي لإدارة المعركتين العسكرية والدبلوماسية بطريقة محكمة جاء بخلاف ما اشتهت سفن الصهاينة التي 1575;نقلب “عمود سحابها” رياحا عاصفة أغرقت العملية برمتها في بحار من الفشل بدل ما كان يراد لها من أن تكون ترشيدا لهذه المسيرة الشاردة (التسمية جاءت من الغيمة التي أرشدت بني إس 5;ائيل عند خروجهم من مصر)



فقد أخرجت المقاومة من جعبتها أسلحة جديدة وبأساليب جديدة وذلك بدكها لعاصمة الكيان الصهيوني ومدنه الأبعد من قطاع غزة، وكان واضحا من خلال تركيز المقاومة على هذه المدن إ تقانها لتكتيك “توازن الرعب” فالصواريخ التي سقطت في هذه المدن كانت خسائرها ضعيفة حتى بالمقارنة مع تأثير الصواريخ قريبة المدى والأقل تطورا التي سقطت في مدن جنوب الكيان ا لقريبة من غزة، كما أنها عرضة أكثر من هذه الأخيرة للاعتراض من طرف القبة الحديدية بسبب تطورها، لكنها مع ذلك كانت الأنسب لإحداث نقلة جديدة في استراتيجية الترعيب تتجاوز م& #1575; حققته المقاومة في المواجهات السابقة،كما كانت أكثر تناسبا مع طبيعة المعركة التي أرادها الطرفان خاطفة مركزة على تسجيل نصر معنوي حاسم.



وفي التكتيك السياسي نجحت المقاومة في عدم الانجرار وراء الطرح السريع لفكرة الهدنة من طرف العدو في وقت كان يخدمه (بعد أن حقق هدف اغتيال القائد الجعبري وقبل أن تنهمر عليه 575;لصواريخ) وهذا ما جنبها الانخداع للعدو وأظهرها في موقف الممسك بخيوط اللعبة العسكرية.



لكن المقاومة لم تكن بليدة فترفض الهدنة مطلقا أو تطيل فترة رفضها، فما إن انقلب الوضع وحققت هدفها بمفاجئة العدو بضرب عمقه وزرع الرعب فيه حتى بدأت في تليين موقفها من الهد 06;ة والدخول في مفاوضاتها، وهنا وصلت براعة المقاومة وإدراكها للمتغيرات ذورتها بتوفيق الله فربطت قبولها للتهدئة بشروط جديدة تتناسب مع سقف الانتصار الجديد للمقاومة عل 609; الصعيدين العسكري والدبلوماسي وإدراكها لضعف الكيان وحاجته الشديدة لوقف الحرب(تشير التسريبات الإعلامية إلى أن المقاومة تطرح شرط إيقاف عمليات الاغتيال بوصفه داخلا 1601;ي العمليات العسكرية، وأنها تشترط فتح المعابر ورفع الحصار)



إن هذه البراعة في إدراك اللحظة ومسايرة رد الفعل العسكري والسياسي معها في ظرف خاطف يدل بحق على ذكاء المقاومة.



أفق جديد لمواقف العرب



وكما قلبت “عملية حجارة السجيل” طاولة الميدان العسكري على الصهاينة فإنها قلبت المعادلات الحاكمة للمواقف العربية، وخاصة في دول الربيع العربي، تجاه إسرائيل ومجازرها ح 1578;ى ولو لم تصل لما تطمح إليه جموع الأمة.



فقد جاءت مواقف مصر بعد ساعات قليلة من بدء العدوان وبشكل متصاعد (سحب السفير ثم زيارة رئيس الوزراء ثم التلويح بأن غزة ليست وحدها) وهو ما كان له أثر في تخوف الكيان الصهيوني م ن مواقف أكثر حدة لا تعرف طبيعتها.



كما جاءت المواقف العربية في الجامعة خارجة عن ضوابط المعادلات السابقة رغم بساطتها (التلويح بإعادة النظر في المبادرة العربية، والزيارة الجماعية لوفد وزراء الخارجية) 1608;بالطبع لا تكتسي هذه الخطوات بحد ذاتها قيمة تذكر مما يتطلبه الموقف، ولكنها أهميتها في ثلاثة مؤشرات:



-أنها تفتح أفقا جديدا في ردات الفعل العربية لا يمكن التراجع عنه بل ولا التوقف عنده نظرا لارتفاع سقف المطالب الشعبية.



-أنها ترفع شارة توجس حمراء أمام الصهاينة عند التفكير مستقبلا في عمليات عدوان تخوفا من انفلات رد الفعل العربي إما بسبب إرادة القيادات المنتخبة، أو تحت ضغط الشارع المسك ;ون بروح الثورة و”الزمن الشعبي”



-الثالثة والأهم هي أن هذا الموقف جاء معبرا عن كسب تدريجي للمقاومة من مواقفها الصامدة عبر تاريخ جهادها؛ فبعد انتفاضة الأقصى خرجت المقاومة باصطفاف شعبي كبير نسف حالة ال ;وهن الشعبية التي كانت سائدة في التسعينات، وبعد حرب2008 -2009 خرجت المقاومة بتعاطف شعبي عالمي توجته قوافل المناصرة وكسر الحصار، وها هي ستخرج من هذا العدوان بتعاطف رسمي عربي ق 3; يكون بداية لرفع الحصار من طرف العرب عن غزة.



وبتعبير آخر فإن التغير الجديد في المواقف العربية تكمن أهميته في أنه أسقط مراهنة الصهاينة على أنه ليس أمام قيادات الربيع العربي إلا الصمت المطبق أو الانجرار غير المحس وب في المواجهة.



وعلى كل فليس لقوى الأمة الحية أن ترضى بهذا السقف من حكامها مهما كانت ظروفهم، وإنما عليها أن تضع معادلة جديدة قائمة على أن تزاوج الضغط القوي من طرف الشعوب الواعية والمن 75;ورة الذكية من طرف الحكام المخلصين يمكن له أن ينتج موقفا لا يفرط في القضية ولا يستعجل معركة لم يعد لها.



وعلى الطرف الآخر جاء الفشل الدبلوماسي لداعمي الكيان الصهيوني الغربيين وخاصة الأمريكيين في تمرير الهدنة بتوقيت وشروط الكيان دليلا على تحول الزمن لصالح المقاومة ود 75;عميها وناصريها، وهذه نقطة في غاية الأهمية فمن المعروف عبر تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني أن “سلاح الهدنة” كان حاضرا دائما في إنهاء المعارك في التوقيت المناسب للكيان 8; إما خوفا من هزيمة أو كسبا لنتائج نصر.



هي إذن وقائع زمن جديد يرسمه تضافر نتائج الربيع العربي ويقظة الشعوب المسلمة مع صمود المقاومة وتطور قوتها ليؤكد نتيجتين مهمتين تحتاج الأمة لاستيعابهما للدخول الناجح 1601;ي زمن النهضة: أن تحرر الشعوب من الدكتاتورية مقدمة حتمية لتحررها من الاستعمار والاحتلال، وأن الشعب الذي تتوفر لديه إرادة المقاومة لن يعدم سبيلا لإيجاع عدوه مهما ضاقت 575;لحال وقل النصير.





المصدر




Filed under: أخبار

No comments:

Post a Comment