Thursday 15 November 2012

إن من بيته من زجاج لا يرمى الناس بالحجارة | ‫#موريتانيا أخبار


الخميس 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012









محمد سالم ولد يسلم

“إن من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة”، تذكرت هذا المثل وأنا أتصفح تقريرا عن الوضع في موريتانيا في موقع صحيفة الوطن الجزائرية باللغة الفرنسية، ورغم أنني من المؤمنين بحرية الإعلام وحق الصحفي في نشر المعلومة والتعليق عليها بحرية تامة، غير أن خبرتي بالصحافة وعلاقاتها المتعددة لئلا أقول المشبوهة، جعلني أقرأ ما تكتب بتأن وأخط عند كل كلمة فيه. فقد كان التقرير غير بريئ بما فيه الكفاية، وحاول فيه مراسل الصحيفة “الوهمي” أن يعالج الوضع الموريتاني ربما من خلال ما يجرى في بلدان أخرى قريبة منه، من خلال نعت المؤسسة العسكرية الموريتانية بالاختصاص في الانقلابات مفسرا عدم تحركها حاليا بالزبونية وسيطرتها على مفاتيح المال في الدولة. متجاهلا أن ابتعاد المؤسسة العسكرية الموريتانية في الوضع الراهن عن السياسة وعدم انغماسها في التجاذبات السياسية أكبر دليل على نضج القائمين عليها وإيمانهم بالقيم الجمهورية التي يتعجل البعض القفز عليها. وأن الجيش في موريتانيا لم يصل بعد إلى درجة تكوين مافيات داخل هرم الدولة، تمتلك المؤسسات والإعلام وتمارس الزبونية وتصفية الحسابات بأبشع أوصافها، من خلال عمليات الاغتيال بصورة بشعة وفي وضح النهار. ولا أعرف لماذا هذه الغيرة على موريتانيا أكثر من الغيرة على بلدان تواجه من التحديات ما يشغلها عن الولوغ في شأننا الوطني ونفخ النار في الجسم الموريتاني الذي هو بحاجة إلى من يساعده على التماسك ورص الصفوف بدل تسويق أزمات الغير له والعزف على وتر الاختلاف فيما بينه وتسويق معلومات وتحليلات خاطئة ومضللة عن وضعية سياسية تمت معالجتها حتى الآن بحنكة واقتدار. لقد تم فتح المجال واسعا للحرية الإعلامية بدون حدود، رغم تجاوز المهنية والخطوط الحمراء أحيانا كثيرة، كما فتح الباب بشكل واسع أمام القوى السياسية لطرح آراءها وتصوراتها، ولم نسمع أي رد للمؤسسة العسكرية ولا ميل لأي كان، بل ظلت تعمل بمهنية واحتراف من خلال السهر على أمن المواطن وإبعاد المخاطر التي تتهدده واضعة في عين الاعتبار أنه يجب أن لا نركز على حادثة الرئيس عن ضبط أمننا المهدد بشكل جدي وحقيقي


. أما الكلام عن التعدد الاثني في موريتانيا، فنحن على عكس ما ورد في التقرير، فإننا نعتبره مصدر ثراء، وأن ما يجمع الموريتانيين أكثر من ما يفرقهم.. والشعب الموريتاني شعب واع وناضج يدرك أكثر من أي شعب آخر التحديات التي تواجهه ولن يقبل بأي شكل من الأشكال أن يتم التلاعب بأمنه من أي جهة كانت. وما يثير الاستغراب أكثر، هذا “الاهتمام” من الصحافة الجزائرية بالشأن الموريتاني، وتحويل الحبة فيه إلى قبة، عن طريق تسميم الأوضاع من خلال نشر معلومات مجهولة المصدر الغرض منها إثارة الوضع الداخلي لموريتانيا، ففي الأسبوع الماضي نشرت صحيفة انيوميديان، خبرا قالت فيه إن رئيس الجمهورية قد أصيب بشلل وشنت هجوما على المؤسسة العسكرية. لتعود صحيفة الوطن هذا الأسبوع بنفس الدور وكأننا أمام تبادل أدوار، فمن يقف ياترى وراء ذلك؟ وهل يمكننا أن نحكم ببراءته؟ لا يمكننا أن نتهم أية جهة في الجزائر بتحريك تلك الأقلام وتوجيهها، نظرا للعلاقات الجيدة وتشابك المصالح التي تربط بين البلدين الشقيقين، وقناعتنا الراسخة بأن مرض الرؤساء أو سيطرة المؤسسة العسكرية لا يمكن أن يكونا السبب فيما نراه. بقدر ما يكون ذلك فرصة لتناسي الآلام الداخلية لهؤلاء،عن طريق القفز عليها وشغلهم بأمور جانبية، وهذا هو الأخطر، أن تتوهم أنك في وضع جيد حتي إذا ما انقشعت الحقيقية تبين حجم الخداع. فكما يقال “إن من بيته من زجاج لا يرمى الناس بالحجارة.


محمد سالم ولد يسلم


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment