Sunday 18 November 2012

قل لي ولو كذبا/ د. محمد إسحاق الكنتي | ‫#موريتانيا أخبار

“اعلم أن الناصح لك المشفق عليك من طالع لك ما وراء العواقب برؤيته ونظره، ومثل لك الأحوال المخوفة عليك، وخلط لك الوعر بالسهل من كلامه وشورته ليكون خوفك كفئا لرجائك، وشكرك إزاء النعمة عليك. وأن الغاش لك، الحاطب عليك، من مد لك في الاغترار ووطأ لك مهاد الظلم، وجرى معك في عنانك منقادا لهواك.” (ابن قتيبة: عيون الأخبار، دار الكتاب العربي، بيروت 1925 المجلد الأول، كتاب السلطان، ص:29)


قل لي ولو كذبا/ د. محمد إسحاق الكنتي


أشار رجل إلى صديق له برأي، فقال له: << قد قلت ما يقول الناصح الشفيق، الذي يخلط حلو كلامه بمره، وحزنه بسهله، ويحرك الإشفاق منه ما هو ساكن من غيره، وقد وعيت النصح فيه وقبلته إذ كان مصدره من عند من لا يشك في مودته وصافي غيبه، وما زلت بحمد الله إلى كل خير طريقا منهجا ومهيعا واضحا.>>(ابن قتيبة،ص:33-34).

لم يعدُ الدكتور ابن مزيد تعليم ابن قتيبة في مجال النصيحة. وهو تعليم تواضع عليه الحكماء، وأقرته السمحاء، وحثت عليه قرآنا وسنة. ولم يزل الذين يتلقون النصح معترفين للناصح بفضله، أخذوا بنصيحته أم تركوها.. حتى حدثت بدعة “تواصل” في رد النصيحة، وتقريع الناصح!

بدأ الدكتور ابن مزيد نصيحته بوصف أهل تواصل بأنهم “إخوة كرام”؛ فانتسب إليهم، ونسبهم إليه، وشهد لهم بالكرامة، وذلك ما دفعه إلى أن يقدح لهم فكره، فعل الناصح الشفيق. وهو يتأسى في ذلك بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون!)، فقد أثبت تعالى لهم الإيمان وعاتبهم على اختلاف أقوالهم مع أفعالهم.. واستأنس الدكتور بخطبة النبي صلى الله عليه وسلم تسننا، وهي الخطبة التي بين فيها للناس حقوقهم وواجباتهم، وحذر فيها المسلمين من الفتن، وحرَّم المسلم على المسلم…

لم يشفع كل ذلك للدكتور عند قيادة تواصل التي صبت عليه جامَ غضبها تصريحا، وتلميحا. بدأ “تواصل” نقيضته بالدعاء للشيخ الكريم <<… على هذه النصيحة الطيبة التي جاءت في وقتها، وكنت قد طلبتها منكم مباشرة…>> يقول الحزب (سأستعمل لفظ “تواصل”، أو الحزب، بدل رئيسه لأن نظام بيعة الإخوان يلزم المرؤوسين بكل ما يصدر عن الرئيس، مما لا يخالف الشرع، في النسخة القديمة). يعترف “تواصل” أنه تلقى نصيحة طيبة، جاءت في وقتها، تلبية لطلب الحزب، ومن ثم كان ينبغي أن يكون الرد عليها شبيها برد الرجل على الذي أشار عليه، دون طلب منه، كما في نص ابن قتيبة، لكن تواصل مال إلى السجال مع ناصحه، بعد تقريظ نصيحته!

يقول تواصل..<<… أسجل هنا وقفتين مع ما كتبه الشيخ الفاضل.>> بدأ الغمز مبكرا! أصبحت “النصيحة الطيبة”، “ما كتبه الشيخ الفاضل”، نكرة مقصودة، والنكرة والمنكر من اشتقاق واحد… يستمر تواصل في المراوحة بين التقريظ والتعريض..<<… الحاجة قائمة للنصح والتسديد، خصوصا إذا أتى من مظانه، وفي مقالة الشيخ…>> يعرِّض تواصل بالدكتور، فهو مظنة للنصح، لكن ما كتبه ليس سوى “مقالة”، والمقالة من القيل والقال، وفي الحديث “نهى عن قيل وقال”، “… يقال كثرت قالة الناس.”(الصحاح، مادة: ق.و.ل.).

عند العودة إلى معنى المقالة، والمقال، في معاجم الأدب الحديثة، نجد التالي: <<المقال كل مؤلف ليس من صفاته التعمق في بحث موضوع ما، ولكنه يتناول الأفكار العامة المتعلقة بذلك الموضوع.>>(وهبه: معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان1984، ص:378). صحيح أن للمقالة المنهجية معنى مختلف تماما، لكن نص تواصل يحيلنا إلى المعنى الإزدرائي الذي ذكرنا. يقول تواصل: << إنني أسجل بعض الملاحظات- لا تلزم غيري- على بعض مما[كذا!] أورده الشيخ ورأيت فيه تسرعا في غير محله، واستصحابا لمعلومة لم تجد حظها من التدقيق…>>

تمثل الجملة الاعتراضية غموضا ولع به تواصل، ونصحه الدكتور بالتخفيف منه. تفيد الجملة أن رئيس تواصل يتحدث بصفته الشخصية، في نقضه للنصيحة، لكنه أغفل الصفة التي طلب بها النصيحة! يسمح هذا الغموض لبعض قيادات تواصل بالاتصال بالدكتور متنصلين مما كتب الرئيس، ومعتذرين عن أي سوء فهم قد ينتج عنه، فلم يقصد الرئيس إلا خيرا، وتبادل نصح بنصح.. ذاك منهج تواصل.. (كلما عاهدوا عهدا نكثه فريق منهم)!

أخذ تواصل على الدكتور، قبل هذا التجريح، مأخذا غريبا! يعدد تواصل نقاط نصيحة الدكتور، إلى أن يقول..<<… وتهيئة البدائل المؤسسة على المرجعية الإسلامية، وإن استعمل الشيخ وصف الإسلامية مباشرة…>> ذكرني هذا الاعتراض العجيب بغضبة عبد الله غول، حين صاح بذلك الصحفي..<< لا تسمنا حزبا إسلاميا! نحن حزب أوربي محافظ.>> أخطأ الدكتور، من حيث لا يدري، حين نصح تواصل بتهيئة البدائل الإسلامية، فالصواب: “تهيئة البدائل المؤسسة على المرجعية الإسلامية”، والفرق شاسع بين الإسلام والمرجعية الإسلام، و كان على الدكتور أن يدركه، فلا يصف الحزب إلا بما يصف به نفسه.

يستمر تواصل في عد أخطاء الدكتور في لغة فجة..<< أكثر الشيخ من مطالبة تواصل بكشف هويته الشرعية، وإعلان صفته الإسلامية، وزاد فحثه على المجاهرة بالإيمان! ونزع قناع التقية! والقارئ لهذا الكلام سيجد صعوبة في تفهمه على ضوء المشهور والمعروف [ يعرف الأمر، ثم يشتهر] عن حزب تواصل، فوثائق الحزب وخطب قادته وحملاته[ وهذه إحداها] صريحة في التأكيد على مرجعيته الإسلامية.>> لم تحتمل نفوس تواصل نصائح الشيخ، فقالوا له كما قال قوم الطوفان لرسولهم. وحري بالدكتور أن يقول لهم قريبا مما قال ذلك المؤمن لقومه..<< ما لي أدعوكم إلى المحجة البيضاء، إلي الإيمان الراسخ رسوخ أبي قبيس، إلى قل يا أيها الكافرون… وتدعونني إلى أسماء سميتموها مرجعية إسلامية!>>

ينتقل تواصل إلى ما أتقنه طول مسيرته النضالية؛ المناورة. << أما موضوع الشريعة الإسلامية فنحن لا نحبذ استيراد المعارك. وما من خلاف معلن على الأقل حول اعتماد الشريعة في هذه البلاد، وهو ما نص عليه الدستور معتبرا أحكام الدين الإسلامي المصدر الوحيد للقانون- وإن كان موقع الفقرة وصياغتها يحتاجان للمراجعة…>> (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور). صحيح أن تواصل لا يحب استيراد المعارك من أجل الدين لذلك عزف قادته عن المشاركة في مظاهرة نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، واصطفوا خلف رئيسهم في التلفزة كالبنيان المرصوص، لكنهم يبذلون الغالي و النفيس في سبيل استيراد معارك الربيع العربي، ويرجفون ليلة السبت بحديث الإفك…

تذكر تواصل أن في ما قاله عن الشريعة سحبا للبساط من تحته، وشهادة للحكم القائم، فاستثنى استثناء عجيبا..<<… وإن كان موقع الفقرة وصياغتها يحتاجان للمراجعة…>> يولع الإخوان بالفقرات، فقد احتفوا في تونس و مصر بفقرتين نصت إحداهما على أن الإسلام دين الدولة، والأخرى على أن المصدر الرئيس للقوانين هو الشريعة فرأوا فيهما آيتين محكمتين محت إحداهما آية الحكم بما أنزل الله، وجعلت الأخرى العلمانية مبصرة… لكن تواصل، إمعانا في الغموض، لم يعين موقع الفقرة المناسب لها، ولم يوضح وجهة مراجعتها!

الأغرب من ذلك أن تواصل يؤكد في الفقرة الموالية..<<… وما علمنا على ما ورد في الدستور من نكير…>>، ونسي تواصل موقع الفقرة وصياغتها!

ينتقل تواصل إلى الإفتاء..<< نؤمن أن الاجتهاد المؤسس على الوحي المستوعب للواقع القاصد للمصلحة هو آلية التجديد في الدين.>> يسقط تواصل السنة من اجتهاده، ليحل محلها المقاصد، وهو توجه في الفقه السياسي الجديد، يتخذ من السنة موقفا معاديا، سنعرض له بتفصيل أكثر في لاهوت التبرير.

يعود تواصل إلى موضوع الشريعة من مرجعية سياسية..<<… مشكل تطبيق الإسلام ومقتضياته ليس مشكلا نظريا يعالج بالمواقف والمطالب، بل هو شأن تنفيذي يتطلب وجود المقتنعين والفاهمين لمقاصد الشرع قبل تفاصيله، وأصوله قبل فروعه، وتجربة إتاحة شعار تطبيق الشريعة للمستبدين الباحثين عن أسباب الشعبية وعوامل الشرعية ناطقة لا تستحق الذكر.>> يتبنى تواصل، في هذا النص عقيدة الإرجاء، في أسوء مظاهرها، فإن قوما من المرجئة يقولون إن الله أرسل رسولا اسمه محمد، وقد لا يكون هذا القرشي، ودعا إلى حج بيته، وقد لا يكون الذي ببكة، وإلى صوم رمضان وقد لا يكون الذي بين شعبان وشوال…

وقس على ذلك أن تطبيق الإسلام أصبح مشكلا لأنه يتطلب وجود المقتنعين والفاهمين لمقاصد الشرع قبل تفاصيله، وأصوله قبل فروعه… وهؤلاء فئة انقرضت، وما علِّق على مفقود فهو مفقود… وكل محاولة لرفع شعار تطبيق الشريعة هي تمكين للمستبدين! ونسي تواصل، مرة أخرى، أنه وصف أحد هؤلاء، الذين يصفهم اليوم بالمستبدين، بأنه الخليفة السادس لرفعه شعار تطبيق الشريعة!

على هذه المرجعية السياسية يبني تواصل فهمه لمصطلح الشريعة..<<… ثم إن مصطلح الشريعة الإسلامية يحتاج إلى ضبط وتدقيق، خصوصا بعد شيوع مفهوم جزئي قاصر له [ يقصد الحدود، لكنه لا يذكرها نصا!] يقدم العقوبة على توفير العدل، ويعلي من شأن المظاهر على حساب المضامين، ويدير المعارك بسبب الأشكال غير منتبه للمقاصد والغايات…>> من الإرجاء إلى الباطنية. الدين ظاهر غير مقصود حقيقة، وباطن إذا وصل إليه العارف سقط عنه الالتزام بظاهر الشرع، وتحرر من أشكال التعبد. هذه لعمري إحدى غرائب الإخوان؛ يقاتلون الإسماعيلية في سوريا، ويتخذونها مرجعية في موريتانيا!

يستمر تأويل الغلاة لمفهوم الشريعة..<< إن الشريعة الإسلامية معنى عام لا ينبغي قصره على دلالات جزئية (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)، (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) ومن أهم مقتضيات الشرع العدل ورفع الظلم وحماية حريات الناس ومصالحهم…>> (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم). (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم). أصبح مصطلح الشريعة الإسلامية إشكاليا، عاما لا ينضبط، وضرب الإخوان بتراث الإسلام عرض الحائط استنادا إلى مرجعيتهم السياسية، إرضاء لليهود والنصارى!

انتقلنا من الإرجاء والباطنية إلى التدليس، وهو رديفهما.. أورد تواصل قوله تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) للتدليل على عموم لفظ الشريعة، لإقصاء دلالته على الحكم بما أنزل الله، والفقرة منتزعة من آية تأمر بالحكم بما أنزل الله! تقول الآية 51 من سورة المائدة ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون). ومن دلالات الشريعة، التي أصبحت علما عليها..”ما شرعه الله تعالى من العقائد والأحكام”، ومنها الحدود.

يشطح بتواصل حب التعميم، وبغض التخصيص، إلى ما يشبه تكافؤ الملل عند المعري..<< فإن الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل [اكتشاف رائع!] الذي قامت عليه السموات [في النص!] والأرض، فإذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العدل وأسفر صبحه بأي طريق كان، فثم شرع الله ودينه ورضاه كما يقول ابن القيم رحمه الله.>> سأترك للقارئ منطوق النص ليستنتج منه ما يحتمله، لأهتم بإحالته من حيث المنهج. لا يجوز، في عصرنا اليوم، الإحالة دون ذكر اسم المؤلَّف، وتاريخ الطبعة، ودار النشر، والجزء والصفحة، منعا لأي تدليس، وتمكينا للباحثين من العودة إلى النص، مخافة أن يكون فيه بتر، أو تقديم وتأخير، كما حدث مع الآية. إن من يحيلك إلى ابن القيم، دون هذه المحددات يتخذ من الرجل جنة يسند بها آراءه، ويزداد القارئ ريبة حين يعلم أن صاحب النص نصح باطراح التقية، ونزع الأقنعة، فاتهم ناصحه وعرض به!

ينساب تواصل إلى الوقيعة بين الدكتور وبعض رموز التيار الإسلامي..<< أما مقارنتكم بين عناصر تواصل معروفي الانتماء للحركة الإسلامية وغيرهم ممن يوجد في أحزاب أخرى ممن وصفته بأنه أقدم سابقة وأشهر انتماء- وأنا بالمناسبة أحترمهم- ففي غير محلها [مثل فقرة الدستور] ولعلها لا ترضي من تشير إليهم…>> ترد “لعل” بمعاني عدة، منها التمني! والجملة الاعتراضية هي بالتعريف، التي إذا حذفت استقام الكلام، وهو ما يعني أن احترام تواصل لتلك الشخصيات، جاء بالمناسبة عرضا…

يصل تواصل إلى الألم، وقد جرب منذ شهور “لعق الجراح”.. << آلمني حديث الشيخ عن اللغة العربية مع أنه سليم إذا حرر من سياقه ووقعه والمسلمة التي حملها [ماذا بقي منه!]، ولهذا الشعور بالألم سببان: أما الأول فهو سماع هذه الملاحظة من جهات وأشخاص ليس من شهرتها [يعود الضمير على أقرب مذكور] التثبت فيما يتعلق بتواصل، ولا الدفاع عن اللغة العربية بنفس إسلامي ومرجعية دينية بعيدا عن العصبية والاستعلاء…>>

أخيرا، يترك تواصل ما يتكلفه (الفقه، والإفتاء) إلى ما يتقنه؛ الهجوم السياسي ذي المرجعية الإسلامية..<< لقد استغربت والشيخ ينصحنا من منطلق شرعي، وفي هذه اللحظة من تاريخ البلد أن لا يأتي على ذكر القضايا العرقية والفئوية، وكأن الإسلام الذي يدعونا الشيخ للمصالحة معه، لا يهتم بوحدة مجتمع مسلم… إننا في تواصل نرى في اهتمامنا بهذه القضايا، ومن مرجعية إسلامية لا لبس فيها شهادة جدية [هل هناك شهادة هزلية!] وأصيلة على هويتنا الفكرية، التي لم يستطع دعاة العصبية [القوميون في أدبيات الإخوان]، وأسارى التقليد [السلفيون في أدبيات الإخوان] اختطافها وأسرها في مقاربة قومية ضيقة، أو فقه لم يدرك أصحابه [السلفيين] أن الإسلام الذي حارب الرق… لم يكن ليفعل ذلك لجزء منه…>>

يعتب تواصل على الشيخ أنه لم ينصحه في مجال يعد نفسه رائدا فيه! وهذه من إبداعات تواصل! فلم يذكر لنا التاريخ أن أحدا اقترح على ناصحه الإشادة بإنجازاته، إذ يتجه النصح عادة إلى ذكر النواقص لتداركها…

ترشدنا هذه الخاتمة إلى الهدف الذي كانت قيادة تواصل ترمي إليه من طلبها النصيحة، بين يدي المؤتمر الثاني للحزب. فقد دأبت بعض الأحزاب العلمانية على تزوير، وتزويق التقارير التي تقدمها للمؤتمر، لكن تواصل حزب ذو مرجعية إسلامية لا يليق به تزوير التقارير، لذلك طلب شهادة زور، لكنه اخطأ العنوان. كانت قيادة تواصل تريد من الشيخ الكريم، على ما يبدو، تزكية ترفع بها رصيدها في هذه الحياة الدنيا، ولسان حالها يقول، كما قالت صاحبة نزار قباني..”قل لي ولو كذبا كلاما ناعما…”

إذا كان الدكتور الشيخ شمر للصلاة ثيابه، فإن حزب تواصل منع مليحاته الخمار بكل ألوانه..(ذلك أدنى أن يعرفن…) حسب مرجعية الحزب.

وختاما.. تعامل نص تواصل مع شخص الدكتور بشكل دال على مكنون كاتب النص، بل إن درجات غضبه تظهر من فقرة لأخرى.. بدأ بوصف الدكتور بالشيخ الكريم، ثم تدرج في مخاطبته بضمير الجمع ست مرات، وضمير المخاطب المفرد ست مرات، و لفظ الشيخ، دون إضافة عشر مرات، ونعته بمن يفترض فيه، لكنه لم يلقبه بالدكتور، ولا مرة واحدة، فقد عرف عن تواصل حساسيته المفرطة تجاه الألقاب وما في حكمها…

ومن عجائب نص تواصل، أنه على طوله (1356 كلمة) أغفل موضوع الأخلاق، الذي نصحه الدكتور بالاهتمام به، ونص فيه على قوله تعالى (وقولوا للناس حسنا)، وقد عرف تواصل، واشتهر، باللجاج في الخصومة، وأكل لحوم العلماء، رغم تشديده على سميتها! و الولوغ في أعراض مخالفيه، الذين لا يخافونه في الله، ويخافون الله فيه. لكن الحقيقة أن النص لم يغفل الموضوع، وإنما عالجه بطريقة تعامله مع الدكتور…

إذا عاد تواصل إلى طلب النصح من الدكتور، وقد يفعل، فقد ختم نصه بقوله.. << وفي الختام بارك الله في الشيخ ونصائحه، وإنا على الاستفادة منها لعازمون…>>(أستغفر الله! إن صدق تواصل في هذه الجملة، فكيف نصفه في النص كله!)، أنصحه بأن يعتذر إليهم بقوله: <<إن صدقناكم أغضبناكم، وإن كذبناكم أغضبنا الله.>> وفي انتظار المؤتمر القادم يمكن لكل من تأذى بكير تواصل، قمة وقاعدة، أن يتأسى بقول المتنبي…

وأتعب من ناداك من لا تجيبه وأغيظ من عاداك من لا تشاكل.




المصدر




Filed under: موريتانيا, أخبار Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment