Sunday 4 November 2012

مذكرات ذ, إشدو: في مخفر إدارة الشرطة بولاية نواكشوط/6 | ‫#موريتانيا أخبار


الأحد 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012










في تمام الساعة الثالثة صباحا أخذوه للاستجواب.


كانت التهمة هشة ومطاطة: “الاعتداء ضد الأمن والنظام العام، وبث دعايات كاذبة، وتوزيع وعرض منشورات على الجمهور لأغراض دعائية، والقيام بتحركات من شأنها المساس بالنظام والسلم ومن شأنها الإضرار بالمصلحة العامة.. المادة 83 وما بعدها من قانون العقوبات، والمواد 17 و18 و23 من الأمر القانوني رقم 91/023 المتعلق بحرية الصحافة، والمادة 4 من الأمر القانوني رقم 91/024 المتعلق بالأحزاب السياسية”.


واعتبرت جرما مشهودا وتلبسا، عملا بالمادة 46 سيئة الصيت (لكثرة ما استغلت لأغراض سياسية) من قانون الإجراءات الجنائية. أما الأدلة ضده فكانت داحضة جدا: “قيل إنك قلت”! استغرق الاستجواب أزيد من ساعة تخللتها، بداية، مشادات ما لبثت أن خبت، وحل محلها الانسجام بسبب عدم انتمائه إلى اتحاد القوى الديموقراطية ـ عهد جديد، الذي فاجأ محققا بينته الرئيسية ضده ذلك الانتماء المزعوم:


ـ “إن حزبك هو الذي يمارس هذه الدعاية”. قال له المفوض.


ـ “أنا لا أنتمي إلى أي حزب”. رد هو.


فوجئ المحقق بالجواب الذي وقع عليه كالصاعقة! لكنه تمالك وبدأت حدته تنخفض وقال له:


ـ “لم أكن أعرف أنك لا تنتمي إلى حزب اتحاد القوى الديمقراطية”.


ـ “تهمة لا أتبرأ منها، ولكنها شرف لا أدعيه” كما قال مصطفى كامل!


كان المحقق – ويدعى يحفظه بن أعمر- ينتمي إلى جيل حديث الانتساب إلى تلك “المهنة”. وهو قريب العهد بمقاعد الدراسة، ومن أرومة زكية لم ينسلخ من قيمها بعد؛ لذلك لا يبدو أن جوهره قد تأثر كثيرا حتى الآن بالقسوة التي تمليها ـ في ظروفنا ـ سنن مهنته الصعبة. هذا رغم ورود بعض العبارات النابية في محضره مثل: “مما يدل على سوء النية المبيت والكذب المقصود” في حق شيخين فاضلين وزعيمين محترمين هما الرئيس أحمد بن داداه والأستاذ الوزير محمذن بن باباه!


تساءل في نفسه وقد أسعده ارتباك المحقق: أين يا ترى ضمان الدولة تمتع كافة المواطنين بكافة الحريات العمومية والفردية (حرية الرأي وحرية التفكير، حرية التعبير، حرية الاجتماع، حرية إنشاء الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة سياسية ونقابية يختارونها.. الخ)، ومساهمة “الأحزاب والتجمعات السياسية في تكوين الإرادة السياسية والتعبير عنها” المنصوص في المادتين 10 و11 من دستور “دولة الديمقراطية والقانون”؟


بات بأسوأ ليلة.. بين هم الاعتقال وما يطرحه من مشكلات، خاصة بالنظر للقضايا التي تحمل مسؤولية الدفاع عنها، ويعلم الله أنه لم يفرط، ولم يقترف ما يبرر ما حل به، وهمّ العدوان على العراق وتدميره، ثم البعوض، ورائحة الطلاء الكريهة، وقعقعة خطى السجانين الحديدية التي لم تهدأ من حوله لحظة واحدة حتى الصباح!


في الحلقة القادمة: الأستاذ محمذن بن باباه معه في الأسر!


عودة للصفحة الرئيسية




المصدر




Filed under: موريتانيا Tagged: موريتانيا

No comments:

Post a Comment